طبق اليقين. فالنهي عن النقض عملا كما يمكن ان يكون للتعبد بنفس اليقين كذلك يمكن ان يكون للتعبد بنفس المتيقن. والكلام وان كان ظاهرا في الأول ، لكنه يظهر في الثاني بعد ملاحظة بعض النصوص مما يكون التعبد فيها بلحاظ ما يترتب على الوجود الواقعي للمتيقن لا العلمي ، كرواية زرارة الأولى التي يكون التعبد فيها بلحاظ ما يترتب على الطهارة من الآثار ، كالدخول في الصلاة وأمثاله. فان الطهارة شرط واقعي للصلاة لا علمي ، فلا بد من رجوع التعبد فيها إلى نفس المتيقن ـ وهو الطهارة ـ لا إلى اليقين بها ، إذ اليقين بها ليس الملاك في ترتيب الأثر المرغوب عليه.

ويشهد لما ذكرنا أيضا : ان سؤال السائل في أغلب الروايات انما هو عما يترتب على شكه ، وانه بشكه هل يبني على انقلاب الواقع عما كان عليه أو على عدم ترتيب آثاره أو يبني على بقائه وعدم تبدله فتترتب عليه آثاره؟. فالتفت.

وعليه ، فإذا تعيّن ان المجعول انما هو المتيقن لا صفة اليقين ، فيشكل الأمر في تقدم الاستصحاب على البراءة المأخوذ في موضوعها الجهل بالحكم وفي غايتها العلم بالحكم ـ بل يشكل الأمر أيضا في تقدم الأمارات عليها بناء على ما هو التحقيق من كون مفاد أدلتها تنزيل المؤدى منزلة الواقع ـ لأن التعبد بنفس الحكم لا بالعلم به كي يكون حاكما عليها لتكفله تحقيق الغاية ورفع الموضوع تنزيلا وتعبدا. وقد تقدم إيضاح ذلك في نفي حكومة الأمارات على الأصول إذا كان مؤداها تنزيل المؤدى منزلة الواقع ـ والعلم الوجداني بهذا الحكم المتعبد به لا يكفى في الورود ، لما عرفت من أخذ متعلق العلم الحكم السابق في ثبوته على مرحلة الشك الفعلي ، والحكم المتعبد باستمراره ودوامه انما هو بلحاظ حال الشك ـ كما لا يخفى ـ فلا يكون العلم به محققا للغاية ـ

وتوهم : ان ملاك الحكومة هو نظر أحد الدليلين إلى الآخر بمدلوله اللفظي ، وهو متحقق هاهنا ، لأن التعبد وان كان واقعا بالحكم لكنه بلسان التعبد باليقين فيكون حاكما على الأدلة المأخوذ في موضوعها اليقين ، نظير : « لا شك لكثير الشك »

۴۵۶۱