الوجه الأول : ان مورد الاستصحاب خارج تخصصا عن عموم هذه الرواية ، لأنه يصدق على المستصحب انه شيء ورد فيه نهي ولو بلحاظ الزمان السابق.

الوجه الثاني : ان مورد الاستصحاب خارج بالورود ، وذلك لأن النهي الثابت بعدم نقض اليقين محقق للغاية ، فترتفع به الرخصة المغياة.

الوجه الثالث : ـ وهو الّذي اختاره الشيخ قدس‌سره ـ هو تقريب الحكومة.

وبيانه : ان مفاد الاستصحاب هو تعميم النهي السابق إلى الزمان اللاحق تنزيلا ، فيكون رافعا لموضوع الإباحة تعبدا ، فيتقدم على البراءة الثابتة بالرواية بالحكومة ، فانه كما لو ثبت بنفس الدليل الأولى للحرمة استمرارها وعمومها لجميع الأزمان حقيقة يتقدم ذلك الدليل على البراءة ، فكذلك ما يتكفل لإثبات الاستمرار تنزيلا وان كان الأول يتقدم بالتخصص أو الورود.

والثاني : بالحكومة والاستصحاب من قبيل الثاني فانه بمنزلة المعمم للنهي إلى الزمان اللاحق ، فيكون حاكما على البراءة ، فان الرخصة مغياة بورود النهي المحكوم عليه بالدوام ، والاستصحاب يثبت الدوام ولو بنحو التنزيل.

وقد أورد الشيخ قدس‌سره (١) على الوجه الأول : بان الفرد المشكوك حرمته لا حقا غير المعلوم حرمته سابقا ، فهما فردان متغايران ، فورود النهي عن أحدهما لا يوجب صدق وروده عن الآخر ، كالأفراد العرضية لكلي ، فكما ان النهي عن فرد لا يكون نهيا عن الآخر ، فكذلك ما نحن فيه. والتفريق في الافراد بين ما كان تغايرها بتبدل الأحوال والأزمان ـ وهي الافراد الطولية ـ وغيرها من الافراد شطط من الكلام.

وفيه ما لا يخفى : فان المفروض ان المورد في نفسه من موارد الاستصحاب ،

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٤٢٣ ـ الطبعة القديمة.

۴۵۶۱