« غيره » وان كان بالظهور البدوي راجعا إلى الشيء المشكوك فيه ، إلاّ ان إرجاعه إلى الوضوء بقرينة الإجماع والنص على عدم جريان قاعدة التجاوز في اجزاء الوضوء ، وقرب المرجع لا يكون فيه مخالفة صريحة للظاهر ، فإذا أرجع الضمير في : « غيره » إلى الوضوء ، كان الصدر ظاهرا في عدم جريان قاعدة التجاوز في اجزاء الوضوء ، وان عدم الاعتناء بالشك انما يكون بعد الفراغ من الوضوء ، وحينئذ يرتفع التنافي بين الصدر وبين الإجماع والنص كما لا يخفى.

يبقى تطبيق الحصر في الذيل على الصدر ، والأفضل ان يقال فيه : ما أشرنا إليه سابقا في روايات الباب ، وهو : ان الذيل ليس ظاهرا في ضرب قاعدة كلية بمفاد قاعدة التجاوز ـ كما أفاده العراقي ـ بل يمكن ان يكون لضرب قاعدة كلية بمفاد قاعدة الفراغ ، وذلك بقرينة اسناد التجاوز إلى نفس الشيء الظاهر في كون أصل الشيء مفروغا عن وجوده والشك في صحته ، وان كان الشك في الشيء ظاهرا بدوا

__________________

ويمكن ان يحل الإشكال في الرواية بوجه آخر وهو أن يقال : بان المراد من ضمير : « غيره » هو الوضوء والملحوظ في الرواية نفي الشك في الصحة لا في الوجود ، بأن يكون المراد بالشك في الشيء ليس مدلوله المطابقي بل المدلول الالتزامي بنحو الكناية وهو الشك في الصحة ، لأن الشك في وجود بعض الأجزاء يلازم الشك في صحة الوضوء ، فتكون رواية ناظرة بصدرها وذيلها إلى بيان جريان قاعدة الفراغ في الوضوء إذا كان الشك بعد الانتهاء عنه ، وعدم جريانها إذا كان الشك في الأثناء.

وبهذا البيان نتخلص عن إشكال تقييد المورد الّذي تقع فيه إذا كان المنظور في الصدر جريان قاعدة التجاوز. ولكن هذا الوجه انما نلتزم به ونرفع اليد عن الوجه الأول الّذي هو أقرب للظاهر إذا فرض ان رواية زرارة الدالة على الاعتناء بالشك في أثناء الوضوء تشمل مطلق الشك الأعم من الشك في صحة الجزء أو وجوده ، فتكون قرينة على التصرف في هذه الرواية وحمل صدرها على إرادة الدخول في غير الوضوء واما لو فرض استظهار كون موردها خصوص الشك في وجود الجزء ـ كما هو القريب ـ فلا وجه لرفع اليد عن التوجيه الأول وحمل الرواية على بيان جريان قاعدة الفراغ في أثناء الوضوء مع الشك في صحة الجزء ، فتدبر.

۴۵۶۱