وفي مثل الفرض يصدق التجاوز بالعناية باعتبار أن الملتفت إلى العمل لا يترك الجزء الأخير ويأتي بالمنافي ، فمع إتيانه بالمنافي يصدق لا محالة التجاوز عن التسليم بالعناية ، فيتحقق موضوع القاعدة.
وهذا الوجه مأخوذ مما أفاده المحقق الأصفهاني في مقام تحقيق معنى الغير الّذي لا بد من الدخول فيه ، وبه جزم بان المراد به مطلق الغير مما لا يجتمع مع ترك المشكوك حال الالتفات (١).
ومما ينبغي ان يعلم ان هذا الكلام في هذا الفرض مبني على اعتبار الدخول في مطلق الغير ، وإلا فمع اعتبار الدخول في الغير المترتب شرعا بالخصوص لا إشكال في عدم جريان القاعدة حينئذ.
الثالث : ان يكون الشك فيه بعد الاشتغال بأمر مرتب عليه شرعا ، ولكنه غير مانع من تداركه ، كالشك في التسليم بعد الدخول في التعقيب.
وقد بنى المحقق النائيني قدسسره في هذا المثال بالخصوص على جريان قاعدة التجاوز لصدق الدخول في الغير ، واستشهد على ذلك بإلغاء الشك في الأذان بعد الدخول في الإقامة الوارد في رواية زرارة السابقة. بتقريب : ان الحكم بعدم الاعتناء بالشك في الأذان بعد الدخول في الإقامة يشرف الفقيه على القطع بعدم الاعتناء بالشك في التسليم بعد الدخول في التعقيب ، لاتحادهما في الخروج عن حقيقة الصلاة (٢).
وأورد عليه السيد الخوئي ( حفظه الله ) بإيرادين :
الأول : انه لا ملازمة بين الموردين في جريان قاعدة التجاوز ، لأنه منوط بالتجاوز عن المحل ، وهو لا يصدق إلاّ فيما كان محل المشكوك سابقا بحسب الجعل
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ ـ ٣٠٩ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٢ ـ ٢٣٤ ـ الطبعة الأولى.