يتحقق إلاّ بالدخول في الغير ، ولا يكون قيدا احترازيا.

ومن هنا لا يتضح المراد من ما ذكره الشيخ في الموضع الثالث من أن الدخول في غير المشكوك تارة : يكون محققا للتجاوز. وأخرى : لا يكون ، بل يكون التجاوز حاصلا بدونه ، لأن التجاوز مطلقا لا يتحقق إلا بالدخول في الغير (١).

وقد ذهب المحقق العراقي قدس‌سره إلى : ان مقتضى الإطلاقات الدالة على اعتبار التجاوز عن المحل هو اعتبار الدخول في الغير المترتب شرعا ، لعدم تحقق التجاوز عن المحل بدونه ، وان أخذه في لسان النصوص لأجل كونه محققا للتجاوز عن المحل لا لخصوصية فيه (٢).

أقول : ان التجاوز عن المحل لا يتحقق إلا بالاشتغال بما يكون بينه وبين المتجاوز عنه طولية وترتب ، فالاشتغال بالذكر في أثناء القيام لا يعد تجاوزا عن محل القراءة لعدم الترتب والطولية بينهما ، بخلاف ما إذا دخل في الركوع.

وبما ان الركوع عن قيام لا يمكن بدون الهوي إليه عقلا فاعتبار القراءة عن قيام واعتبار الركوع بعدها مستلزم لترتب الهوي إلى الركوع على القراءة ، وتأخره عنها إما بحكم الشرع بدعوى ان اعتبار ذي المقدمة ـ وهو الركوع ـ مستلزم لاعتبار مقدمته. واما بحكم العقل بلحاظ توقف الركوع على الهوي ، فإذا فرض تأخر الركوع عن القراءة كان الهوي إليه متأخرا عنها أيضا. وعليه فالدخول في الهوي مستلزم للتجاوز عن محل القراءة وهو القيام غاية الأمر التجاوز عن محله العقلي لا الشرعي ، لعدم أخذ الهوي متعلقا للأمر.

وعليه ، فلا بد من البحث في ان المحل الّذي يعتبر التجاوز عنه هو المحل الشرعي ، كالدخول في الركوع بالنسبة إلى القراءة ، أو ما يعم المحل العقلي كالدخول

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٤١١ ـ الطبعة القديمة.

(٢) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ٥٤ ـ طبعة المؤسسة النشر الإسلامي.

۴۵۶۱