بالنسبة إلى نفي الأثر من باب اللااقتضاء ، لأن عدم السبب انما لا يقتضي وجود المسبب لا انه يقتضي عدمه. وأصالة الصحة بالنسبة إلى إثبات الأثر من باب الاقتضاء ، لأنها تثبت مقتضى الأثر ، ولا مزاحمة بين ما له الاقتضاء وما لا اقتضاء له. وعليه فتجري أصالة الصحة بلا مزاحم ولا معارض وتتقدم على الأصل الموضوعي.
هذا ما نقله عن الشيخ قدسسره (١).
والإشكال على ما ذكره أخيرا واضح ، لأن ما يتكفل لبيان شيء بنحو اللااقتضاء وما يتكفل لبيان ضده بنحو الاقتضاء لم يثبت كون تنافيهما من باب التزاحم ، كي يقال بعدم المزاحمة ، بل سيأتي انه من باب التعارض. وعلى تقدير كونه من باب التزاحم فهما انما لا يتزاحمان فيما لو لم يكن في الدليل الدال على الأمر اللااقتضائي اقتضاء للااقتضاء. أما مع وجود المقتضى للاقتضاء يحصل التزاحم طبعا. وما نحن فيه كذلك ، لأن التعبد بالأصل انما يكون بلحاظ وجود المصلحة في المتعبد به والمقتضي لثبوته ، فالامر اللااقتضائي الثابت بالاستصحاب له مقتضي قهرا فيحصل التزاحم.
واما ما ذكره عن السيد الشيرازي (٢) ، فحاصله : ان المراد بالصحّة في أصالة الصحة إن كان نفس ترتب الأثر ، فلا إشكال في تقدم أصالة عدم البلوغ عليها ، لأن الشك في ترتب الأثر يكون ناشئا عن الشك في بلوغ العاقد ، والأصل المذكور يرفعه تعبدا كما هو شأن كل أصل سببي مع الأصل المسببي. وان كان بمعنى استجماع الشرائط التي منها البلوغ ، يحصل التعارض بين الأصلين بلا حكومة لأحدهما على الآخر ، لأن أصالة الصحة مقتضاها صدور العقد من البالغ ، ومقتضى الاستصحاب ـ بضميمة الجزء الآخر ـ صدوره من غير البالغ.
وبعد ان ذكر هذا اعترض على هذه المعارضة : بان مفاد أصالة الصحة هو
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ ـ ٣٢٣ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ ـ ٣٢٣ ـ الطبعة الأولى.