الحيثية الأخرى. إلا بأحد وجوه ثلاثة :
الأول : ان يكون مفاد أصالة الصحة ثبوت المشكوك تكوينا وخارجا حقيقة ، فمع جريانها بالاعتبار الأول يثبت المشكوك تكوينا فيرتفع شك المنوب عنه حقيقة ويحصل له العلم الوجداني باجتماع الاجزاء والشرائط.
الثاني : ان يكون أثر الصحة بالاعتبار الثاني في طول أثر الصحة بالاعتبار الأول ، بان يكون هذا موضوعا لذاك شرعا ، فإذا ثبت بأصالة الصحة أثر الصحة بالاعتبار الأول يترتب جزما أثر الصحة بالاعتبار الثاني.
الثالث : ان تكون الإضافة الثانية في طول الإضافة الأولى ـ فالطولية بين الإضافتين لا بين الأثرين ـ بان يكون الفعل الصادر من النائب هو موضوع الإضافة إلى المنوب عنه لا نفس الفعل بذاته ، ويكون موضوع الأثر هو فعل النائب الصحيح. وعليه فبجريان أصالة الصحة في فعل النائب يترتب الأثر المرغوب.
وجميع هذه الوجوه منتفية :
أما الأول : فواضح ، لأن مفاد أصالة الصحة هو التعبد بصحة العمل الصادر لا إثبات تحقق المشكوك تعبدا فضلا عن إثباته تكوينا وحقيقة.
وأما الثاني : فلأن دعوى كون فراغ الذّمّة ـ أعني : ذمة المنوب عنه الّذي هو أثر الصحة بالاعتبار الثاني ـ حكما من أحكام استحقاق الأجرة الّذي هو من آثار الصحة بالاعتبار الأول ، واضحة المنع.
وأما الثالث : فلأن موضوع الإضافة هو نفس العمل الخارجي ، فهو بنفسه مضاف إلى النائب ، كما انه بنفسه مضاف إلى المنوب عنه ، فالإضافتان غير طوليتين بل عرضيتين.
فإذا ثبت التعبد بصحة العمل باعتبار إضافته إلى النائب التي مرجعها إلى ثبوت آثار عمل النائب الصحيح لا غير ، لا تترتب آثار عمل المنوب عنه الصحيح ، كما لا يخفى.