والجواب عن الإشكال المذكور : ان المراد من الموضوع الواجب إحرازه هو ما كانت نسبة الأثر إليه نسبة العرض إلى معروضه ، والمسبب إلى سببه ، والمقتضي إلى مقتضية ، والأثر إلى ذي الأثر إذ لا يخفى انه ليس كل ما له دخل في ترتب الأثر يكون دخيلا في التأثير وسببا للأثر ، ويتضح ذلك في العلل والمقتضيات التكوينية ، فان مجرد النار ليست علة تامة للإحراق ، بل يبوسة المحل والملاقاة شرط في ترتب الأثر ـ أعني الإحراق ـ ، ولكن الإحراق انما يستند إلى النار ونسبته إليها نسبة العرض إلى معروضه ، فانها هي المؤثرة فيه ، والشرائط من الملاقاة ويبوسة المحل دخيلة في تأثير النار لا أنها بنفسها مؤثرة. فالشرط العرفي ان كانت نسبته إلى الأثر نسبة المعروض إلى العروض والمقتضي إلى المقتضى بحيث يكون جزء المؤثر ، وجب إحرازه عند إجراء أصالة الصحة شرعا وعرفا. وان لم تكن نسبته كذلك بل كانت من قبيل الشرط وعدم المانع لم يلزم إحرازه في إجراء أصالة الصحة شرعا وعرفا ، لعدم دخالته في موضوع الأثر وهو مورد جريان أصالة الصحة التي قامت عليها السيرة العرفية كما في الإشكال.
فجملة القول : انه لا بد في إجراء أصالة الصحة من إحراز الموضوع للصحة ، وهو ما كان مباشرا للتأثير ، ولا يلزم إحراز جميع الشرائط العرفية ولو لم تكن دخيلة في الموضوعية.
وعليه ، فلا يرد الإشكال المذكور. إلا ان يدعى قيام السيرة على جريان أصالة الصحة بمجرد إحراز صورة العنوان ولو لم يحرز العنوان أو غيره من اجزاء الموضوع ، كجريانها بالنسبة إلى الغسل مع الشك في وصول الماء إلى بعض الاجزاء ، مع انه مقوم للموضوع عقلا ، كما ذهب إلى هذا المحققان الخراسانيّ (١)
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. حاشية فرائد الأصول ـ ٢٤٥ ـ الطبعة الأولى.