وقد عقد الشيخ رحمه‌الله لذلك فصلا مستقلا (١). ولكنه ذكره فقط بلا ان يبين الوجه فيه والدليل عليه ، ولعله (٢) لوضوحه ، لأن العمل إذا لم يكن بنفسه

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٤١٩ ـ الطبعة القديمة.

(٢) تحقيق الكلام في هذه الجهة بإجمال : انه لا إشكال في انه يعتبر في جريان أصالة الصحة من كون الفاعل في مقام الإتيان بالعمل الّذي هو موضوع الأثر ، فما لم يكن الشخص في مقام التطهير لا يحمل عمله على الصحة ، وكذا إذا لم يكن في مقام البيع والنكاح وغيرهما من المعاملات ، لا يحمل ما يصدر منه على الصحة. إنما الإشكال في انه إذا أحرز انه في مقام الإتيان بالعمل ذي الأثر الخاصّ ، ولكن شك في تحقق ما هو مقوم عقلا لتحقق موضوع الأثر كالقصد في العقود الإنشائية وكإزالة النجاسة في غسل الثوب أو العصر بناء على تقدم الغسل به ، فهل تجري أصالة الصحة أو لا؟ قد يقال : ان أصالة الصحة تتكفل ترتب الأثر على العمل ، ولا تتكفل تحقق نفس العمل ، فمع الشك في نفس العمل لا مجال لأصالة الصحة.

ويمكن الإشكال في ذلك : بان الأثر يترتب على إجراء الماء ـ مثلا ـ ولكن بواسطة تعنونه بعنوان الغسل أو ترتب الغسل عليه بنحو المسببية التوليدية ، وكذا يترتب على الإيجاب والقبول بواسطة القصد.

وعليه ، فينبغي ان يبحث في أن أصالة الصحة هل تتكفل ترتب الأثر المترتب على الفعل بلا واسطة ، أو الأعم منه ومن المترتب بواسطة؟ ولا بد في ذلك من ملاحظة ما عليه السيرة وبناء العقلاء ، لا سلوك طريقة الاستدلال العقلي ـ كما أشير إليه ـ ثم ان بعض من ذهب إلى إجراء أصالة الصحة مع عدم إحراز القصد المقوم ، كمثال التطهير ، التزم في إجراء أصالة الصحة في عمل الغائب مع عدم إحراز قصد النيابة في عمله.

فقد يورد عليه : ان ذلك ينافي مبناه من جريان أصالة الصحة مع عدم إحراز القصد المقوم.

ويمكن ان يدفع الإيراد : بان أصالة الصحة إنما تلغي احتمال الفساد في العمل الصادر ، وهذا يختص بما إذا كان الشك راجعا إلى جهة دخيلة في الصحة. وليس قصد النيابة دخيلا في صحة العمل ، إذ العمل صحيح حتى إذا لم يقصد النيابة ، نعم ، لا يقع عن المنوب عنه ، وهذا أجنبي عن الصحة.

وبعبارة أخرى : ان العمل إذا فرض انه صحيح قصد فيه النيابة أم لم يقصد ، لم تكن أصالة

۴۵۶۱