وتوضيحه : أنّ الجسم المتمكّن في مكان ـ مثلا ـ إذا قصد التمكّن في مكان آخر ترك المكان الأوّل بالشروع في السلوك إلى المكان الثاني حتّى يتمكّن فيه ، فللجسم ـ وهو في المكان الأوّل ـ كمالان هو (١) بالنسبة إليهما بالقوّة ، وهما : السلوك الّذي هو كمال أوّل ، والتمكّن في المكان الثاني الّذي هو كمال ثان ، فالحركة ـ وهي السلوك ـ كمال أوّل للجسم الّذي هو بالقوّة بالنسبة إلى الكمالين ، لكن لا مطلقا ، بل من حيث إنّه بالقوّة بالنسبة إلى الكمال الثاني ، لأنّ السلوك متعلّق الوجود به.
وقد تبيّن بذلك أنّ الحركة متعلّقة الوجود بامور ستّة : (الأوّل) المبدأ ، وهو الّذي منه الحركة. و (الثاني) المنتهى ، وهو الّذي إليه الحركة ، فالحركة تنتهي من جانب إلى قوّة لا فعل معها تحقيقا أو اعتبارا ، ومن جانب إلى فعل لا قوّة معها تحقيقا أو اعتبارا ، على ما سيتبيّن إن شاء الله (٢). و (الثالث) المسافة الّتي فيها الحركة ، وهي المقولة. و (الرابع) الموضوع الّذي له الحركة ، وهو المتحرّك.
و (الخامس) الفاعل الّذي به الحركة ، وهو المحرّك. و (السادس) المقدار الّذي تتقدّر به الحركة ، وهو الزمان.
__________________
ـ العلّامة إلى الحكماء ، ثمّ نسب القول ب «أنّ الحركة هي حصول الجسم في مكان بعد آخر» إلى المتكلّمين ، فراجع كشف المراد : ٢٦١ ـ ٢٦٢. وفي المقام أقوال اخر مذكورة في المطوّلات ، فراجع الأسفار ٣ : ٢٤ ـ ٣١ ، والمباحث المشرقيّة ١ : ٥٤٩ ، والفصل الأوّل من المقالة الثانية من الفنّ الأوّل من طبيعيّات الشفاء ، وشرح المنظومة : ٢٣٨ ـ ٢٣٩.
(١) أي : الجسم.
(٢) في الفصل الخامس من هذه المرحلة.