وهذا الإمكان أمر موجود في الخارج وليس اعتبارا عقليّا لاحقا بماهيّة
__________________
ـ وجودها سبقا ذاتيّا من جهة الماهيّة كما في الإمكان الذاتي ، أو بواسطة وجود أمر في مادّة الشيء سابقا عليه بحسب الزمان». وقال ـ تعليقا على إلهيّات الشفاء : ١٦٢ ـ : «واعلم أنّ هذا الإمكان يشارك الإمكان الذاتيّ الحاصل في المبدع والكائن والمفارق والمادّي في أنّ كلّا منهما عبارة عن لا ضرورة الوجود والعدم ... ولا يلزم أن يكون إطلاق الإمكان على الذاتيّ والاستعداديّ بمجرّد الاشتراك ـ كما ظنّ ـ حتّى يلزم أن لا يتمّ البرهان الدالّ على أنّ كلّ حادث له مادّة حاملة لإمكان وجوده على ما زعمه صاحب الإشراق ومتابعوه».
وتبعه بعض من تأخّر عنه ، كالمحقّق اللاهيجيّ في المسألة الخامسة والعشرين من الفصل الأوّل من الشوارق حيث قال : «الإمكان الاستعداديّ إمكان ذاتيّ مأخوذ مع تحقّق بعض الشرائط وارتفاع بعض الموانع فيغايره لا محالة مغايرة الكلّ للجزء». والحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ٧٨ حيث قال : «إنّ الاستعداديّ كأنّه الذاتيّ مع زيادة اعتبار».
لا شكّ أنّه بناء على هذا المذهب يتمّ الاستدلال بالبرهان المذكور لما كانت النسبة بينهما العموم والخصوص.
وذهب بعض آخر إلى أنّ الإمكان الاستعداديّ يباين الإمكان الذاتيّ ، وإنّما يطلق الإمكان عليهما على نحو الاشتراك اللفظيّ. ومنهم المحقّق الآمليّ في درر الفوائد ١ : ٢٤٦ حيث قال : «يقال الإمكان الاستعداديّ في مقابل الإمكان الذاتيّ. وإطلاق الإمكان عليه يكون على نحو الاشتراك اللفظيّ». وقال في موضع آخر ـ إيرادا على صاحب الشوارق ـ : «ولا يخفى أنّه على هذا يلزم أن يكون الإمكان الاستعداديّ أمرا غير موجود في الخارج ، لأنّه حينئذ مركّب من الإمكان الذاتيّ الّذي غير موجود في الخارج وغيره من تحقّق بعض الشرائط وارتفاع بعض الموانع. ومن المعلوم أنّ هذا المركّب اعتباريّ باعتباريّة جزئه الّذي هو الإمكان الذاتيّ». درر الفوائد ١ : ٢٥٠.
ومنهم المصنّف رحمهالله حيث اعترف في التنبيه الثاني من التنبيهات من الفصل الأوّل من المرحلة الرابعة بأنّ الإمكان الاستعداديّ وصف وجوديّ من الكيفيّات القائمة بالمادّة ، تقبل الشدّة والضعف والقرب والبعد من الفعليّة ، وموضوعه المادّة الموجودة ، بخلاف الإمكان الذاتيّ الّذي هو معنى عقليّ لا يتّصف بشدّة وضعف ولا قرب وبعد ، وموضوعه الماهيّة من حيث هي ، فكلّ منهما يباين الآخر.
لا ريب أنّه بناء على هذا المذهب لا يتمّ الاستدلال بالبرهان المذكور على أنّ الحادث الزمانيّ مسبوق بالإمكان الاستعداديّ ، بل في الاستدلال به مغالطة ناشئة من اشتراك اللفظ.
والحاصل : أنّ هذا البرهان لا يدلّ إلّا على أنّ الشيء قبل وجوده مسبوق بالإمكان الذاتيّ.