المعلول رابط بالنسبة إلى علّته قائم بها ، كما أنّ وجود العلّة مستقلّ بالنسبة إليه ، مقوّم له ، لا حكم للمعلول إلّا وهو لوجود العلّة وبه.

فهو تعالى الفاعل المستقلّ في مبدئيّته على الإطلاق ، والقائم بذاته في إيجاده وعلّيّته ، وهو المؤثّر بحقيقة معنى الكلمة ، لا مؤثّر في الوجود إلّا هو. ليس لغيره من الاستقلال الّذي هو ملاك العلّيّة والإيجاد إلّا الاستقلال النسبيّ. فالعلل الفاعليّة في الوجود معدّات مقرّبة للمعاليل إلى فيض المبدأ الأوّل وفاعل الكلّ تعالى (١).

هذا بالنظر إلى حقيقة الوجود الأصيلة المتحقّقة بمراتبها في الأعيان ، وأمّا بالنظر إلى ما يعتبره العقل من الماهيّات الجوهريّة والعرضيّة المتلبّسة بالوجود المستقلّة في ذلك فهو تعالى علّة تنتهي إليها العلل كلّها ، فما كان من الأشياء ينتهي إليه بلا واسطة فهو علّته ، وما كان منها ينتهي إليه بواسطة فهو علّة علّته ، وعلّة علّة الشيء علّة لذلك الشيء ، فهو تعالى فاعل كلّ شيء ، والعلل كلّها مسخّرة له (٢).

__________________

(١) وهذا هو المشهور بمذهب العلل المعدّة» Occasional causes docsrine «.

(٢) ومرّ ما فيه من أنّه صحيح على مذهب جمهور الحكماء المشّائين ، وأمّا على ما هو الحقّ من مذهب صدر المتألّهين فلا معنى له. راجع ما مرّ منّا في الرقم (١) من التعليقة على الصفحة : ٤١.

۳۳۶۱