__________________

ـ ٥ ـ التركيب من العناصر المختلفة.

٦ ـ التركيب من الماهيّة والوجود.

فإن كان المراد من الأمر البسيط ما ليس له أجزاء أصلا وما لا يتصوّر فيه أيّ نحو من أنحاء التركيب اختصّ جريان القاعدة بالواجب تعالى ، وكان المراد من الواحد الواقع في المستثنى منه هو العلّة الفاعليّة الحقيقيّة الّتي يصدر عنها الوجود المعلول ، وهي الواجب تعالى ، وكان المراد من الواحد المستثنى هو الوجود المعلول ، وهو العقل الأوّل أو النظام الجمليّ أو الوجود المنبسط ، على خلاف بينهم.

وهذا ما ذهب إليه صدر المتألّهين كما يظهر من بعض عباراته في الأسفار ٢ : ٢١٢ ـ ٢٢٠ و ٢٢٩ ـ ٣٠١ ، بل صرّح بذلك في الأسفار ٨ : ٦٠ حيث قال : «وهذا ليس كما زعموه ، إذ تلك الحجّة غير جارية إلّا في الواحد الحقيقيّ الّذي هو واحد من كلّ الوجوه».

وتبعه الشيخ محمّد تقيّ الآمليّ في درر الفوائد ١ : ٣٧٥ ـ ٣٧٦ حيث قال : «اعلم أنّ محلّ البحث في مسألة الواحد لا يصدر عنه إلّا الواحد ، هو الفاعل المستقلّ الواحد من جميع الجهات بحيث لا يكون فيه كثرة الأجزاء ولا كثرة الوجود والماهيّة ... بل كلّما فرضت من الكثرة والتعدّد والتجزّي مسلوب عنه ، فمثل هذا الفاعل لو كان فاعلا لمتعدّد في عرض واحد يجب أن تكون منشئيّته للمتعدّد إمّا بأن يكون من حيث ذاته منشأ لشيء وبخصوصيّة الطارئة عليه منشأ لشيء آخر ، أو يكون بخصوصيّة منشأ لشيء وبخصوصيّة اخرى منشأ للآخر ، وكيف كان فيتركّب ذلك البسيط وهو خلاف الفرض».

وإن كان المراد من البسيط هو الحيثيّة الواحدة الّتي يصدر عنها المعلول ولو كانت مقترنة بحيثيّات اخرى فلم يختصّ جريان القاعدة بالواجب تعالى ، بل يجري أيضا في المركّبات الّتي يتركّب من بسائط ، فإنّ أجزاءها البسيطة لا يصدر عنها إلّا معلول واحد.

وهذا ما يظهر من كلمات كثير من الحكماء ، منهم الحكيم السبزواريّ في تعليقته على الأسفار ٨ : ٦٠ ، حيث ناقش في مذهب صدر المتألّهين وقال : «فيه نظر : أمّا أوّلا : فلأنّه نفسه يجري في الطبائع تبعا للقوم بأنّ مقتضاها الكرويّة ، فإنّ الطبيعة واحدة ، والفاعل الواحد في القابل الواحد لا يفعل إلّا فعلا واحدا. وأمّا ثانيا : فلأنّه قد أشار إلى الإجزاء في الإلهيّات في فصل معقود لهذه القاعدة بقوله : «إنّ الحقّ الواحد الصرف وكذا الواحد بما هو واحد لا يصدر عنه بتلك الحيثيّة إلّا واحد». وأمّا ثالثا : فلأنّ الواحد الغير الحقيقيّ وإن جاز فيه كثرة الحيثيّات إلّا أنّه لا يناسب أيّة حيثيّة كانت لأيّ معلول كان ، مثل أن تفعل الطبيعة الواحدة شكلا مضلّعا سطحه بجنسها وخطّه بفصلها ونحو ذلك ، وإلّا فلم لا يجوز أن تفعل النار الإضاءة والإظلام ـ

۳۳۶۱