نعم ، يتّجه هذا القول بناء على ما نسب إلى أفلاطون (١) أنّ النفوس قديمة زمانا ، والعلوم ذاتيّة لها ، وقد سنح لها التعلّق التدبيريّ بالأبدان فأنساها التدبير علومها المرتكزة في ذواتها.
لكنّه فاسد بما تحقّق في علم النفس من حدوث النفوس بحدوث الأبدان على ما هو المشهور أو بحركة جواهر الأبدان بعد حدوثها (٢).
وربّما وجّه القول بقدمها بأنّ المراد به قدم نشأتها العقليّة المتقدّمة على نشأتها النفسانيّة (٣). لكن لا يثبت بذلك أيضا أنّ حصول العلم بالذكر لا بالانتقال الفكريّ من الأسباب إلى المسبّبات أو من بعض اللوازم العامّة إلى بعض آخر ، كما تقدّم (٤).
__________________
ـ تكون حاضرة في النفس بالفعل أو لا تكون ، فعلى الأوّل وجب أن تكون عالمة بها ، لأنّه لا معنى للعلم إلّا حضور المجرّد عند المجرّد ، وهو خلاف الوجدان. وعلى الثاني لم يكن تعقّلها أمرا ذاتيّا ، وهو المطلوب.
(١) راجع الأسفار ٨ : ٣٣١.
(٢) راجع الأسفار ٨ : ٣٣٠ ـ ٣٨٠.
(٣) كما في الأسفار ٣ : ٤٨٧ ـ ٤٨٨.
(٤) في الفصل السابق.