اشتراك أمرين في معنى من غير اختلاف بالتقدّم والتأخّر ، والحال أنّ من شأنهما التقدّم والتأخّر في ذلك المعنى (١). والتقدّم والتأخّر من الملكات ، والمعيّة عدميّة.
فالمعيّة في الرتبة كمعيّة المأمومين الواقفين خلف الإمام بالنسبة إلى المبدأ المفروض في المسجد في الرتبة الحسّيّة ، وكمعيّة نوعين أو جنسين تحت جنس في الأنواع والأجناس المترتّبة بالنسبة إلى النوع أو الجنس.
والمعيّة في الشرف كشجاعين متساويين في الملكة.
والمعيّة في الزمان كحركتين واقعتين في زمان واحد بعينه (٢) ، ولا تتحقّق معيّة بين أجزاء الزمان نفسه ، حيث لا يخلو جزءان منه من التقدّم والتأخّر.
والمعيّة بالطبع كالجزءين المتساويين بالنسبة إلى الكلّ (٣).
والمعيّة بالعلّيّة كمعلولي علّة واحدة تامّة ، ولا تتحقّق معيّة بين علّتين تامّتين (٤) ، حيث لا تجتمعان على معلول واحد. والحال في المعيّة بالحقيقة والمجاز وفي المعيّة بالحقّ كالحال في المعيّة بالعلّيّة.
والمعيّة بالدهر كما في جزءين من أجزاء مرتبة من مراتب العين لو فرض فيها كثرة.
__________________
(١) والأولى أن يقال في تعريفهما : «هي عدم اختلاف أمرين في المبدأ المشترك ، والحال أنّ من شأنهما الاختلاف فيه بالكمال والنقص ، كما أنّ التقدّم والتأخّر اختلاف أمرين في المبدأ المشترك بالكمال والنقص ، فالكامل منهما متقدّم والناقص متأخّر».
والوجه في أولويّته أنّه يوافق مذهب المصنّف رحمهالله تبعا لصدر المتألّهين من أنّ تقابل المعيّة مع التقدّم والتأخّر تقابل العدم والملكة.
وأمّا تعريفها باشتراك أمرين في معنى من غير اختلاف بالكمال والنقص فهو لا يوافق مذهب المصنّف رحمهالله ، وذلك لأنّ الاشتراك في معنى ـ الّذي اخذ في تعريف المعيّة ـ أمر وجوديّ ، وتعريف المعيّة به يستلزم أن تكون المعيّة أمرا وجوديّا كما كان التقدّم والتأخّر أمرا وجوديّا ، وحينئذ لا يصحّ القول بكون تقابلها مع التقدّم والتأخّر تقابل العدم والملكة ، بل الصحيح أن يقال : إنّ تقابلها معهما تقابل التضادّ.
(٢) كحركة عرضين يعرضان على موضوع واحد بسبب حركة موضوعهما.
(٣) كالهيولى والصورة الصادرتين من العقل الفعّال.
(٤) بل لا علّة تامّة إلّا الواجب تعالى ، كما مرّ.