وملاك التقدّم والتأخّر بالزمان هو اشتراك جزءين مفروضين منه في وجود متقضّ متصرّم مختلط فيه القوّة والفعل بحيث يتوقّف فيه فعليّة أحدهما على قوّته مع الآخر ، فالجزء الّذي معه قوّة الجزء الآخر هو المتقدّم ، والجزء الّذي بخلافه هو المتأخّر ، كاليوم والغد ، فإنّهما مشتركان في وجود كمّيّ غير قارّ تتوقّف فعليّة الغد على تحقّق قوّته مع اليوم ، بحيث إذا وجد الغد بالفعل فقد بطلت قوّته وانصرم اليوم ، فاليوم متقدّم والغد متأخّر بالزمان.
وبملاك التقدّم والتأخّر الزمانيّين يتحقّق التقدّم والتأخّر بين الحوادث الزمانيّة بتوسّط الزمان ، لما أنّها حركات ذوات أزمان.
وملاك التقدّم والتأخّر بالطبع هو الوجود ، ويختصّ المتقدّم بأنّ لوجود المتأخّر توقّفا عليه بحيث لو لم يتحقّق المتقدّم لم يتحقّق المتأخّر من غير عكس.
وهذا كما في التقدّم في العلّة الناقصة (١) الّتي يرتفع بارتفاعها المعلول ولا يلزم من وجودها وجوده.
وعن شيخ الإشراق : «أنّ التقدّم والتأخّر بالزمان من التقدّم والتأخّر بالطبع ، لأنّ مرجعه بالحقيقة إلى توقّف وجود الجزء المتأخّر على وجود المتقدّم بحيث يرتفع بارتفاعه» (٢).
وردّ (٣) بأنّهما نوعان متغايران ، فمن الجائز فيما بالطبع اجتماع المتقدّم والمتأخّر في الوجود ، بخلاف ما بالزمان حيث يمتنع اجتماع المتقدّم والمتأخّر منه ، بل التقدّم والتأخّر بين أجزاء الزمان بالذات.
والحقّ (٤) أنّ ابتناء التقدّم والتأخّر بالزمان على التوقّف الوجوديّ بين
__________________
(١) قد مرّ في المرحلة الثامنة أنّ العلّة الناقصة ليست بعلّة حقيقة ، بل إنّما هي معدّة تهيّؤ المادّة لإفاضة الفاعل.
(٢) راجع المطارحات : ٣٠٥.
(٣) كذا ردّه صدر المتألّهين في الأسفار ٣ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤.
(٤) كذا أجاب المصنّف قدسسره عمّا أورد صدر المتألّهين على الشيخ الإشراقيّ في تعليقاته على الأسفار ٣ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤.