مجبرا على الفعل ، وهو ينافي القدرة.
فمندفع : بأنّ هذا الوجوب ملحق بالفعل من قبله تعالى وهو أثره ، ولا معنى لكون أثر الشيء التابع له في وجوده مؤثّرا في ذات الشيء الفاعل ، وليس هناك فاعل آخر يؤثّر فيه تعالى بجعله مضطرّا إلى الفعل.
وكذلك فساد قول بعضهم (١) : «إنّ صحّة الفعل تتوقّف على كونه مسبوقا بالعدم الزمانيّ ، فالفعل غير المسبوق بعدم زمانيّ ممتنع».
وجه الفساد : أنّه مبنيّ على القول بأنّ علّة الحاجة إلى العلّة هي الحدوث دون الإمكان ، وقد تقدّم إبطاله في مباحث العلّة والمعلول (٢). على أنّه منقوض بنفس الزمان ، فكون إيجاد الزمان مسبوقا بعدمه الزمانيّ إثبات للزمان قبل نفسه ، واستحالته ضروريّة.
وكذلك فساد قول من قال (٣) ب : «أنّ القدرة إنّما تحدث مع الفعل ولا قدرة على فعل قبله».
وجه الفساد : أنّهم يرون أنّ القدرة هي صحّة الفعل والترك ، فلو ترك الفعل زمانا ثمّ فعل صدق عليه قبل الفعل أنّه يصحّ منه الفعل والترك ، وهي القدرة. على أنّه يناقض ما تسلّموه أنّ الفعل متوقّف على القدرة ، فإنّ معيّة القدرة والفعل تنافي توقّف أحدهما على الآخر.
__________________
(١) أي : بعض المتكلّمين كما نقل عنهم في رسالة الحدوث لصدر المتألّهين : ١٥. وفي الأسفار عبّر عنهم بطائفة من الجدليّين ، راجع الأسفار ٢ : ٣٨٤.
(٢) راجع الفصل الثالث من المرحلة الثامنة ، والفصل السادس من المرحلة الرابعة.
(٣) والقائل هم الأشاعرة وغيرهم من أهل السنّة ، بخلاف المعتزلة حيث ذهبوا إلى أنّ القدرة قبل الفعل ، راجع شرح المقاصد ١ : ٢٤٠.