وأمّا ما وجّهوا به (١) ما يعتري هذه الأعراض من التغيّر والتجدّد مع ثبات العلّة الّتي هي الطبيعة أو غيرها من أنّ تغيّرها وتجدّدها لسوانح تنضمّ إليها (٢) من خارج ، كحصول مراتب البعد والقرب من الغاية في الحركات الطبيعيّة ، ومصادفة موانع ومعدّات قويّة وضعيفة في الحركات القسريّة ، وتجدّد إرادات جزئيّة سانحة عند كلّ حدّ من حدود المسافة في الحركات الإراديّة.
ففيه (٣) : أنّا ننقل الكلام إلى تجدّد هذه الامور الموجبة لتغيّر الحركة من أين حصل؟ فلا بدّ أن ينتهي إلى ما هو متجدّد بالذات (٤).
فإن قيل (٥) : إنّا نوجّه صدور الحركة المتجدّدة عن العلّة الثابتة بعين ما وجّهتم به ذلك ، من غير حاجة إلى جعل الطبيعة متجدّدة بالذات ، فالحركة (٦) متجدّدة
__________________
ـ بطور آخر أشدّ أو أضعف. وليس يمنع تبدّل أنحاء الوجود انحفاظ الماهيّة والمعنى المشترك فيه الذاتيّ ، وليست نسبة الوجود إلى الماهيّة كنسبة العارض الخارجيّ إلى معروضه حتّى يرد عند تبدّل الوجود في الحركة الجوهريّة أنّ ذلك تبدّل لا في جوهر ، بل في أمر خارج عنه ، لما علمت أنّ وجود كلّ شيء هو تمام حقيقته ، ليس بأمر خارج عنه. بل الحقّ أنّ تبدّل أنحاء وجود واحد هو بالحقيقة تبدّل في نفس ذلك النوع ، وإن كان المفهوم محفوظا والماهيّة باقية بحسب حدّها ومعناها».
ولا يخفى أنّه في الأسفار ٣ : ٨٦ اختار أنّ التجدّد في جانب الماهيّة والبقاء في جانب الوجود. وهذا عكس ما سلكه في الشواهد الربوبيّة!
وجمع بينهما الحكيم السبزواريّ في الوجود تعليقته على الأسفار بأنّه في الأسفار لاحظ في الوجود الأصل المحفوظ في درجات الوجود وأنّها تفنّنات لوجود واحد شخصيّ ، لا أنّها تشخّصات لوجود ، ولاحظ في الماهيّة اختلاف المفاهيم المنتزعة نوعا. وفي الشواهد الربوبيّة لاحظ في الوجود تفنّنات الوجود وفي الماهيّة القدر المشترك في المفاهيم.
(١) كذا وجّهوا به الحكماء ، كالشيخ الرئيس وغيره على ما في الأسفار ٣ : ٦٥.
(٢) أي : إلى الطبيعة.
(٣) كما في الأسفار ٣ : ٦٥ ، والشواهد الربوبيّة : ٨٥ ، وشرح المنظومة : ٢٥٠.
(٤) وهو الطبيعة.
(٥) هذا الإيراد تعرّض له الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ٢٥٠ ، وتعليقاته على الأسفار ٣ : ٦٧.
(٦) أي : حركة الأعراض.