ففي الموصوفة بالقبح مفسدة نوعيّة مخل (١) بالنظام ، فلذا دعت العقلاء إلى البناء على ذم فاعلها.
فقولهم الموضوع مقتض لحكمه يراد به هذا المعنى من الاقتضاء لا السّببيّة.
وعلى ما ذكرنا ، فما لم يتصف المخالفة بعنوان الظلم لا موضوعيّة لها للحكم بالقبح أصلا ، ومع اتصافه بعنوان هتك الحرمة والظلم يستحيل التخلف ، فلا يكون هذا الحكم العقلي على نحو الاقتضاء ، بل على نحو العليّة ، بنحو التّنجيز لا بنحو التعليق.
إذا عرفت هذه الأمور ، فاعلم أن الحكم الذي ينبغي أن يكون محل الكلام ما عرفت في الأمر الأول ، وهو ما بلغ درجة حقيقة الحكميّة كي يتمحّض البحث في تفاوت نفس العلم التفصيلي والإجمالي في التّنجيز وعدمه.
وحيث إن العلم الإجمالي لا يفارق التفصيلي في حقيقة انكشاف أمر المولى ونهيه ، فلا محالة يتمحّض البحث في أن الجهل التفصيلي بمتعلق طرف العلم يعقل أن يجعل عذرا شرعا أو عقلا أم لا.
وحيث إن ملاك استحقاق العقاب كما في الأمر الثالث هتك حرمة المولى وهو منطبق على المخالفة للحكم المعلوم في البين ، ولو لم يعلم طرف المعلوم تفصيلا ، فلا فرق بين العلمين في التنجيز.
وحيث إن هذا الحكم العقلي على نحو العليّة التامّة كما عرفت في الأمر الرابع تعرف أنه لا يعقل جعل الجهل التفصيلي عذرا عقلا ولا شرعا ، إلاّ مع التصرف في المعلوم وهو خلف.
ومرجعه إلى جعل العلم التفصيلي شرطا في بلوغ الإنشاء الواقعي إلى
__________________
(١) هكذا في النسخة المطبوعة والمخطوطة بغير خط المصنف ، لكن الصحيح : مخلّة.