وإنما قلنا بأن اللازم أن يكون التنزيل الآخر مقارنا لهذا التنزيل ، لا سابقا ولا لاحقا ، لأن الأثر الذي كان بلحاظه التنزيلان واحد ، فلا يعقل التعبد بذلك الواحد ، إلا إذا كان أحد الجزءين محرزا حقيقة ، بحيث لا حالة منتظره المتعبد بذلك الأثر وترتيبه على الواقع ، أو كان التنزيلان متقارنين ، ليكون مرجعهما إلى التعبد بالوجوب أو الحرمة.

وأما مع سبق أحد التنزيلين ولحوق الآخر ، فلا يصح التنزيل في كل منهما ، إذ الاثر واحد والموضوع واحد مركبا كان أو مقيدا ، وليس للجزء أو ذات المقيد أو القيد حكم شرعي حتى يصح التعبد به بعنوان التعبد بجزء موضوعه.

فظهر من جميع ما مر أن تنزيل مركب منزلة مركب آخر لا يكاد يصح إلا بأحد وجهين ، إما بالمطابقة أو بالالتزام ، ولكن بنحو المقارنة.

وقد عرفت أن التنزيل بالمطابقة غير معقول هنا لمكان الجمع بين اللحاظين كما تقدم ، فلم يبق مجال إلا للالتزام.

٢٦ ـ قوله « مد ظله » : فإنه لا يكاد يصح تنزيل جزء الموضوع ... الخ (١).

بعد ما عرفت أن تنزيل الجزء الآخر وهو القطع بالواقع التنزيلي الذي قلنا به بدلالة الاقتضاء والملازمة العرفيّة لا بد من أن يكون في عرض تنزيل المؤدى منزلة الواقع تعرف استحالة تحقق تنزيلين كذلك ، إذ القطع بالواقع التنزيلي متأخر طبعا عن الواقع التنزيلي.

والمفروض أن دلالة الدليل على تنزيل المؤدّى يتوقف على دلالته بالملازمة على تنزيل القطع بالواقع التنزيلي ، مع أنه لا واقع تنزيلي إلا بهذا الدليل.

فكيف يعقل أن يكون أحد التنزيلين المتأخر رتبته عن موضوعه المتأخر رتبته عن التنزيل الآخر في عرض التنزيل الآخر؟

وتمام السر فيه أن مرجع التنزيلين إلى تنزيل واحد وإثبات حكم مركب

__________________

(١) كفاية الأصول / ٢٦٦.

۴۴۰۱