أشبعنا الكلام فيه في مبحث الطلب والإرادة (١).
١٥ ـ قوله « مد ظله » : مضافا إلى أن الاختيار وإن لم يكن بالاختيار ... الخ (٢).
إذ الإرادة لا توجد عن إرادة متعلّقة بنفسها.
لكن ليس ذلك مناط الإراديّة والاختياريّة ، بل الموجود يتصف بالاختياريّة ، إما بواسطة تعلّق القصد به ، أو بما يتوقف عليه.
والإرادة من قبيل الثاني ، فإن المقدمات المؤدّية إلى إرادة الفعل إنّما تكون علّة تامّة لها إذا لم يحدث مانع عنها.
والتأمّل فيما يترتب على متابعة الهوى ومخالفة المولى مانع اختياري عن تأدية المقدمات إلى إرادة الفعل ، وعدمه أيضا اختياري موجب لاختياريّة إرادة الفعل.
ومثل المقام يكفي فيه سبق الإرادة بالإرادة ، ولا يجب عدم انتهائها إلى ما لا بالاختيار ، إذ المفروض أن استحقاق العقاب مترتب على قصد الحرام وإرادة الطغيان على المولى بفعل ما أحرز أنه مبغوض له ، وهذه الخصوصيّة لا توجد في الإرادة السّابقة ، كي تكون مثل اللاّحقة في إيجاب العقاب ، فيجري فيها ما جرى في لاحقها.
مع أن الكلام في التّسوية بين المعصية الحقيقيّة والتجرّي ، فكما كان يكفي في الاختياريّة مجرّد صدور الفعل عن إرادة ، كذلك يكفي فيها حدوث الإرادة عن إرادة وإن لم يوجب كون كل إرادة عن إرادة.
لكنه قد أشرنا (٣) سابقا إلى أن مجرد إمكان حدوث القصد عن قصد لا
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : التعليقة ١٥٢.
(٢) كفاية الأصول / ٢٦٠.
(٣) التعليقة ١٠.