تكليف واقعا يتنجّز بمجرّد احتماله قبل الفحص.
ولا ايجاب في هذا الفرض إلاّ من الشارع مع أنه لا يعقل الإيجاب المولوي الباعث نحو الفعل إذ قبل الوصول المتفرّع على معرفة المولى بالمولويّة لا باعثيّة له ولا محركيّة ، وبعد ثبوت المولى والمولويّة أيضا لا باعثيّة له ولا محرّكية ، لأنه تحصيل الحاصل ، فليس احتماله احتمال تكليف صالح للدّعوة بوصوله حتى يتنجّز باحتماله.
والتحقيق أن منشئيّة الإيمان والمعرفة بالله تعالى للسّعادة الأبديّة والنّعيم الدائم ليست من حيث كونه امتثالا للأمر بتحصيل المعرفة كما في الواجبات العمليّة.
ومنشئيّة الكفر للشّقاوة السرمديّة والعذاب المخلد ليست من جهة مخالفته للنهي عن الكفر كما في المحرّمات العمليّة ، بل الايمان والكفر في قبال الاطاعة والمعصية من حيث اقتضاء النعيم والجحيم.
وعليه فالضرر مترتب على ترك الإيمان بما هو ، فاحتمال ترتّب الضرر على ترك تحصيل المعرفة هو الحامل للعبد على تحصيلها لدفع مثل هذا الضرر لا يوازيه ضرر أبدا من دون توسط إيجاب مولويّ شرعيّ. وهكذا الأمر في معرفة النّبي ، وكذا في ترك النّظر في المعجزة.
فلزوم تحصيل المعرفة عقلا مرجعه إلى الضرورة العقليّة واللابديّة من تحصيل المعرفة للوصول إلى السّعادة الأبديّة والبعد عن الشّقاوة الدائميّة.
ولا يخفى أن احتمال العقاب المحرك بالجبلّة والطبع إلى تحصيل ما يحتمل الضرر في تركه وإن كان كافيا في الدّعوة في غالب النّفوس الغير البالغة درجة تحصيل الحقائق بالبرهان.
إلا أنه لنا طريق برهاني إلى وجوب تحصيل معرفته تعالى ، وهو أن كل عاقل بالفطرة السليمة يعلم بأنّه ممكن حادث معلول لمن لم يكن مثله في الإمكان