لتماميّة الحجّة عليهم وإن لم ينظروا فيها ليحصل لهم اليقين الوجداني فعلا ، فانه خلاف الظاهر بل خلاف الواقع أيضا.

ويمكن أن يقال : في دفع الشبهة أيضا بأن المراد من الجحود هو الجحود لسانا لكنه باعتبار انبعاثه عن رذيلة باطنيّة وهي معاندته للحقّ ومعاداته للرّسول ( صلّى الله عليه وآله ) تحفّظا على الجاه واستكبارا على الله وعلى الرسول.

ومن الواضح أن المعاند للحق باطنا والمعادي للرسول قلبا محتجب عن الحق وعن نور الإيمان ، فان الإيمان بالبعض والكفر ببعض كالكفر المطلق.

فكفر الجاحد غير مستند إلى عدم تصديقه جنانا لما مرّ من ملازمته للعلم واليقين.

ولا لعدم عقد القلب فرضا وبناء لعدم الاهتمام بشأنه بعد عقد القلب حقيقة وربطه واقعا بما اعتقد به ، بل لمعاندته قلبا مع الحق ومعاداته باطنا مع الرسول ، وهما موجبان للكفر والاحتجاب عن الحق وعن الرسول.

هذا قليل من كثير مما ينبغي بيانه والله المستعان.

١٦٦ ـ قوله « قده » : من باب وجوب المعرفة لنفسها كمعرفة الواجب تعالى ... الخ (١).

يمكن أن يشكل وجوب المعرفة لنفسها من باب وجوب الشكر بأنّ الشكر إذا كان صرف النّعمة في ما خلقت لأجله فوجوبها مقدّمي لا نفسيّ نظير وجوب معرفة الآمر مقدّمة لامتثال أمره.

والتحقيق كما عليه أهله أنّ الشّكر وساير مقامات الدّين لها مراتب ثلاثة علم وحال وعمل ، فمعرفة المنعم من الأوّل والتّخضع له قلبا من الثاني وصرف النعمة فيما خلقت لأجله باداء ما هو وظيفة السمع والبصر واللسان من الثالث ،

__________________

(١) كفاية الأصول / ٣٢٩.

۴۴۰۱