فلا يمكن إلحاق الظن بالمنع واحتماله بالقطع به أيضا ، لأن الاطاعة الظنية في حد ذاتها موجبة للظن بالفراغ عن تبعة الواقع.
فاذا قطع بالمنع شرعا كشف عن عدم كفاية الشارع بها في امتثال واقعيّاته المنجّزة ، فلا يستقل العقل بالاقتصار عليها.
بخلاف ما إذا لم يكن كاشف عن عدم كفاية الشارع ، فان الإطاعة الظنّية في محتمل المنع وغيره على حد سواء في نظر العقل ، لأن الملاك في نظر العقل تحصيل الظنّ بالفراغ عن الواقع ، وكل ظنّ بالواقع يستلزم الظن بالفراغ عنه.
واحتمال المنع لا يوجب إلاّ احتمال عدم الفراغ في حكم الشارع ، لاحتمال المنع عنه شرعا ، لا أنه يستلزم عدم الظن بالفراغ عن الواقع الذي يتساوى نسبته إلى الشارع وغيره كما بيّناه (١) مفصلا في مسألة الظن بالطريق.
والتحقيق ما قدمناه (٢) من أن المنع إذا كان طريقيّا يكشف عن غلبة مخالفة الطريق الممنوع عنه شرعا للواقع.
وإذا كان حقيقيّا يكشف عن اشتماله على غرض مناف للغرض الأولى الذّاتي : فبواسطة وصول المنع الطريقي أو الحقيقي ينكشف ما يتفاوت به الظن الممنوع عن غيره ، وما لم يصل سواء ظن بمنعه أو احتمل منعه لا ينكشف ما يتفاوت به ظنّ عن ظنّ في نظر العقل ليجب الاقتصار على ما لم يتطرّق إليه احتمال المنع مع وفائه بمعظم الفقه ، للزوم الترجيح بلا مرجّح في نظر العقل الحاكم بحجّية الظن.
وسيجيء إن شاء الله تعالى تتمة الكلام في المسألة الآتية فانتظر.
__________________
(١) التعليقة ١٤٢.
(٢) التعليقة ١٥٦.