في التعبّديّات قد تعلق بالراجحات بأنفسها فلم يتعلّق الأمر بغير ما هو حسن عقلا.
فلا يخلو عن شيء أمّا أولا : فلأن كل التّعبّديّات ليست راجحات بذاتها عقلا وإن كان بعضها من العبادات الذاتيّة التي لو لم يؤمر بها لأمكن إتيانها عبادة كالصلاة المركّبة من أجزاء كلها راجحات عقلا.
وأما ثانيا : فلأن الأمر بالصلاة لم ينبعث عن رجحانها الذاتي بل عن المصلحة المترتّبة عليها ، فالركوع مثلا وإن كان تعظيما للمولى وهو حسن لأنه عدل في العبوديّة وإحسان إلى المولى ، إلا أنه لم يؤمر به من حيث كونه إحسانا إلى المولى ، بل من حيث كونه استكمالا للعبد وموجبا للانتهاء عن المنكر والفحشاء مثلا ، والمفروض ترتب هذه المصلحة على الركوع المأتي به بداع الأمر مثلا ، فمجرّد حسن الركوع ذاتا لا دخل له بتبعيّة الأمر به لمصلحة فيه.
وأما ثالثا ، فلأن الراجح بالذات لو لم يقصد بعنوانه لم يقع حسنا ولا راجحا فالركوع إذا لم يؤت به بعنوان التعظيم مثلا لا يقع حسنا ، وإتيانه بداعي أمره لا يوجب وقوعه تعظيما فان قصد عنوانه الواقعي لا يوجب وقوعه معنونا بعنوانه.
ولذا لو أمر بركوع مردّد بين كونه مقصودا به التعظيم أو السخرية لا يقع الركوع تعظيما ولا سخريّة إذا أتى به بداعي أمره على ما هو عليه واقعا ، مع أنه لا شبهة في ترتب الأثر عليه إذا أتى به بداعي الأمر.
فيعلم منه أن الركوع المأمور به ليس من حيث عنوانه التعظيمي مأمورا به ، كما علم أن قصد عنوان التعظيم من طريق الأمر إجمالا غير معقول ، فليس اعتبار قصد الأمر للتّوصل إلى تحقق ذلك العنوان الحسن.
فالصحيح في دفع الاشكال ما ذكرناه ، وبقيّة الكلام تطلب من غير المقام.
ولقد خرجنا بهذا المقدار عن وضع التّعليقة إلا أن المسألة لمّا كانت مهمّة