العقليّة مستشهدا في ذلك بقوله تعالى في الحديث القدسي : لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به.

هذا ما يقتضيه النظر القاصر في استتباع الحكم الشرعي للحكم العقلي إثباتا ونفيا.

وأما ما قيل (١) : في نفي الاستلزام من أنه مبنيّ على تبعية الأحكام الشرعية للمصالح والمفاسد في متعلقاتها وهي غير مسلّمة بل يكفي في حسنها كونها بنفسها ذوات مصالح ، فلا كاشفيّة لها عن مصالح في متعلقاتها لتكون واجبات عقلية مستشهدا لذلك بالأوامر الامتحانية ، حيث إنه لا مصلحة في متعلّقاتها بل ربما يكون ذوات مفسدة ، وبأوامر التّقيّة حيث إنه لا مصلحة فيما يوافق المخالفين : وبالأوامر التعبّدية حيث إن المصلحة مترتبة على إتيان متعلقاتها بداعي الأمر ، فلا مصلحة في ذوات المتعلقات.

فالجواب عنه أما عن أصل المبني فبأن حقيقة الحكم هو الإنشاء المنبعث عن إرادة حتميّة أو غير حتميّة بداع البعث والتحريك مثلا فانه الذي يدور عليه الإطاعة والعصيان الموجب لاستحقاق الثواب والعقاب دون الإنشاء بداع آخر كالتعجيز والتسخير والإرشاد وأشباه ذلك.

فنقول : أما الإرادة التشريعيّة وهو الشوق الأكيد المتعلق بفعل الغير الموجب لجعل الداعي نحوه حيث إن فعل الغير تحت اختياره ولا يمكن تحصيله منه لا بجعل الداعي المنبعث عنه الشوق المحرك للعضلات نحو الفعل ، فلا يعقل تعلّقها بما لا يرجع منه فائدة إلى جوهر ذات الفاعل أو إلى قوّة من قواه ، فان طبيعة الشوق سنخ طبيعة لا تتعلّق إلا بما يلائم المشتاق ، وليس الشوق من

__________________

(١) القائل هو صاحب الفصول قده / ٣٣٨ الى ٣٤٠.

۴۴۰۱