المائع البارد متعلّق الإرادة ومجرد الالتفات إلى خمريّته والقدرة على تركه مصحح اختياريّة شرب الخمر ، ولا أن الإرادة المتعلّقة بالجامع منسوبة إلى الخصوصيّة الغير المتخلفة عنه بالعرض ، فإن الإرادة العرضيّة لا تصحح التكليف ، فانّها في الحقيقة ليست إرادة مستقلّة في جنب إرادة الجامع ، بل إرادة متعلّقة بالجامع ومنسوبة بالعرض والمجاز إلى الخصوصيّة نظير العرض الذاتي والغريب بل هو هو بالدّقة بل النسبة بين التبريد بالمائع وشرب الخمر نسبة المسبب إلى سببه والفعل التوليدي بالإضافة إلى ما يتولّد منه ، فالتّبريد مشتاق إليه بالأصالة وشرب الخمر المبرّد بالتّبع.
فان قلت : إذا شرب الخمر ملتفتا إلى خمريّته مشتاقا إلى ميعانه فهو مريد للجامع وهو المائع ، والخمريّة غير مرادة وإنما هي ملتفت إليها ، ولا إرادة تبعيّة لمكان الاتحاد وإن كان الخاص والفرد مجرى الفيض بالإضافة إلى العام والكلّي ، والإرادة العرضيّة غير مصحّحة للتكليف.
قلت : تخصّص الشوق إلى المائع بما هو مائع بخصوص الحصّة المتخصّصة بالخمريّة لا يكون إلا عن شوق بهذه الحصّة بما هي حصة ، ولا نعني بالخمر إلا هذه الحصة من المائع.
وقد عرفت أن اختلاف الأغراض لا يوجب التفاوت في إراديّة ما يترتب عليه الغرض.
هذا كله في إراديّة أصل الفعل.
وأما الهتك فلا واقع له إلا الفعل الذي أحرز أنّه مبغوض المولى ، فيتوجّه القصد إليه بتوسط الإحراز المخالف للواقع ، ولا واقع للعنوان القصدي إلا ما يتقوّم بالقصد.
ومن الواضح أن هتك حرمة المولى بشرب ما اعتقده خمرا أمر معقول وهو واقع الهتك الاختياري.