وأنت خبير بأن جعل الحجّيّة جعل المبرئيّة والمعذّريّة مولويّا ، بخلاف جعل التكليف بالصلاة ، فانه ليس إلاّ إيجاب الصلاة مولويّا ، ولا يعقل أن يكون هذا الجعل جعل المعذّريّة والمفرّغيّة ، ولا جعل تبعي لهذا الجعل ، إذ جعل المعذّر والمفرّغ عن الواقع فرع ثبوت الواقع ، فلا معنى لجعله بجعل الواقع ، بخلاف جعل المفرّغ بلسان صدّق العادل بعد ثبوت التكليف الواقعي.

نعم الحكم بالفراغ بالمعنى الآخر بأن يكون الإتيان بالواقع مجزيا في نظر الشارع وغيره لا ريب فيه. لكنه ليس من مقولة الحكم لا إرشاديّا ولا مولويّا.

هذا بناء على ما هو التحقيق في تقريب ما أفاده شيخ المحققين (١) « رحمه الله » من كون الحكم بالمفرّغيّة عبارة عن جعل المفرّغيّة بموافقة الطريق لا عبارة عن الحكم بالتفريغ والأمر بتحصيله كما يساعده عباراته وهو الذي فهمه من كلامه « رحمه الله » شيخنا العلامة « رفع الله مقامه » ولذا حكم بأن الحكم بتفريغ الذمة عقلي إرشادي وهو كما أفاده.

إلاّ أنه بعد تسليم المولوية أيضا لا مجال للتسوية بين الظنين بدعوى أن هذا الحكم لازم التكليف الحقيقي والطريقي ، بتقريب أنه لا فرق في نظر الشارع من حيث إطاعة أمره الواقعي وأمره الظاهري ، فاذا كان له حكم مولوي بالتفريغ كان له في المقامين ، وإلاّ فلا.

والوجه في عدم التسوية أنه ليس الحكم بالتفريغ اللازم للأمر بالطريق الحكم بامتثال هذا الأمر الظاهري لئلا يكون فرق بين الأمرين.

بل هو الحكم بتفريغ الذمة عن الواقع بموافقة الطريق ، فالأمر بالعمل بالطريق بالمطابقة أمر بالالتزام بتفريغ الذمة عن الواقع بسلوك الطريق وهذا غير الأمر بامتثال التكاليف ليكون إرشاديّا أو لازما لكل أمر واقعيّا كان أو

__________________

(١) وهو الشيخ محمد تقي صاحب هداية المسترشدين قدس سره.

۴۴۰۱