مع أن تفويت مصلحة الواقع بإيصال مصلحة أخرى مساوية أو أقوى لا قبح فيه ، وإن لم تكن تلك المصلحة مسانخة للفائتة.
ولذا ذكرنا في محله من أن القول بحجية الأمارة من باب السببية (١) والموضوعية دون الطريقية لا يستلزم الإجزاء ، وتمام الكلام في محلّه.
وثالثا أن فرض البدلية لا يستلزم الظن بها الظّن بالفراغ عن عهدة الواقع المنجز على وجه يكتفي به العقل.
بيانه أن البدليّة بمعنى اشتمال المؤدّى على مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع لا تتقوّم إلاّ بقيام ذات الطريق عليه ، لا بقيام معلوم الطريقيّة ومقطوع الحجية ، لأن الحجية منبعثة عن البدليّة ، لا أن البدليّة منبعثة عن الحجّية ، وإلاّ لزم جعل الحجّية بلا سبب وعلّة.
فما عن ظاهر بعض أجلّة العصر (٢) من أن بدليّة مفاد الطريق تابعة للعلم بحجيته لا وجه له بظاهره ، إلا أن يراد خلاف ما هو ظاهر البدليّة بأن يراد المعذرية عن الواقع كما سيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
لكنه مع أن البدليّة بالمعنى المزبور غير متقوّمة بالحجية ولا بالعلم بالحجية فرق بين الظن بالفراغ المنبعث عن الظن بالواقع والظن بالفراغ المنبعث عن الظن بالطريق ، لأن المفروض في الظن بالواقع سقوط الواقعيات في غير المظنونات عن التّنجّز وتضيّق دائرة الواقعيات المنجّزة وانحصارها في مظنونات التكليف.
فاذا أتى المكلف بمظنونات التكليف يقطع بخروجه عن عهدة الواقعيّات المنجّزة للقطع بسقوط ما عدا المظنونات بمقتضى المقدمات السابقة
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : التعليقة ٢١٤.
(٢) المحقق الحائري قدس سره ، درر الفوائد / ٤٠٨.