قلت : أولا إن هذا عين القول بالتبعيض في الاحتياط دون حجية الظن على الحكومة ، إذ الأثر المترقب من الحجيّة وهو تنجز الواقع على تقدير وجوده في ضمن المظنونات مفروض الحصول ، فلا معنى لحجية الظن عقلا ، بل خصوصية الظن بالعقاب عند الدوران توجب تعيّن المظنونات للاحتياط.

وتوهم الحكومة بتقريب أنه بعد تحقق المقدمات المفروض فيها تنجز الواقع يستقل العقل بلزوم الإطاعة الظنّية ، وتقدمها على الإطاعة الاحتماليّة والوهميّة بعد عدم التمكن من الإطاعة العلميّة.

مدفوع بأنه بعد تنجز الواقع بوصول التكليف تفصيلا أو إجمالا بحكم العقل باستحقاق العقاب على مخالفة التكليف الواصل لا حكم آخر من العقل في باب الإطاعة والامتثال ، بل بعد تحقق العقاب في مخالفة التكليف يفر كل عاقل ذي شعور عن العقاب المقطوع أو المظنون أو المحتمل ، وبعد عدم إمكان الفرار من العقاب على أي تقدير ، والتردد بين المظنون وغيره ، فلا محالة يفر من المظنون دون غيره.

وثانيا إن قلنا : بتنجز الأحكام المعلومة بالعلم الإجمالي أو بايجاب الاحتياط شرعا طريقيا وكانت المقدمات مضيقة لدائرة التنجز إلى أن دار الأمر فيه بين المظنونات والمشكوكات والموهومات صح دعوى أن المظنونات يظن بالعقاب فيها ، والمشكوكات يحتمل العقاب فيها ، والموهومات يحتمل العقاب فيها احتمالا مرجوحا ، فالمقدمات الأربعة تحقق صغرى مظنون العقاب ومحتمله ، فيصح الإيكال إلى مقتضى الجبلّة والطبع.

وأما إذا قلنا بعدم منجّزيّة العلم الإجمالي ـ وعدم إيجاب الاحتياط الطريقي شرعا ، لما ذكرنا من المحاذير ، وأن مقتضى المقدمة الثالثة العلم بعدم رفع اليد عن الأحكام بجعلها فعلية على أحد الوجوه : إما فعليّة على أي تقدير يقتضي الاحتياط التام ، أو فعليّة على طبق الأصول الموردية ، أو فعلية على طبق

۴۴۰۱