بقاعدة اللطف ، وما فيه المفسدة ذات شرب الخمر ، لا هو بعنوان كونه مخالفة لنهي المولى.
فاذا وصل هذا الجعل الواقعي صار فعليّا وإلاّ فلا ، إذ كما أنّ مقتضى قاعدة اللطف جعل العقاب كذلك مقتضاها إيصاله وتبيينه للمكلف ، والمفروض أن ما فعله المتجري لم يشتمل بذاته على مفسدة واقعا ، فلا عقاب عليه من الشارع وإن اعتقده من جهة اعتقاد الحرمة.
وإن كان الاستحقاق بحكم العقل كما هو ظاهر المشهور ، فحينئذ لا ينبغي الشبهة في استحقاق العقاب على التجرّي لاتحاد الملاك فيه مع المعصية الواقعيّة.
بيانه أن العقاب على المعصية الواقعيّة ليس لأجل ذات المخالفة مع الأمر والنهي ، ولا لأجل تفويت غرض المولى بما هو مخالفة وتفويت ، ولا لكونه ارتكابا لمبغوض المولى بما هو لوجود الكل في صورة الجهل (١).
بل لكونه هتكا لحرمة المولى وجرأة عليه ، إذ مقتضى رسوم العبوديّة اعظام المولى وعدم الخروج معه عن زيّ الرقيّة ، فالاقدام على ما أحرز أنه مبغوض المولى خلاف مقتضى العبوديّة ومناف لزيّ الرقيّة وهو هتك لحرمته وظلم عليه.
وهذا الحكم العقلي من الأحكام العقليّة الداخلة في القضايا المشهورة المسطورة في علم الميزان في باب الصناعات الخمس ، وأمثال هذه القضايا ممّا
__________________
(١) لا يقال : يمكن أن يكون المخالفة مقتضية لاستحقاق العقاب والعلم شرطا نظير الكذب فانه مقتض للقبح.
لانا نقول : لا اقتضاء للعناوين بالإضافة إلى أحكامها إذ لا معنى للتّأثير والتّأثر فيها ومعنى كون الكذب مقتضيا أنّه لو خلّى ونفسه يندرج تحت عنوان قبيح بالذات وليست المخالفة كذلك بل لا بدّ من العلم في اندراجها تحت قبيح بالذات. منه عفى عنه.