عليه قبيحا آخر بملاك التحسين والتقبيح العقليين لوجهين قدمنا ذكرهما (١) عند التعرض لقاعدة دفع الضرر المظنون.

ورابعا أن حجية الظن المفروغ عنها هنا إمّا شرعيّة أو عقليّة : لا مجال للأولى ، إذ المفروض عدم الدليل على الحجية من قبل الشارع ، وبلحاظ ما عدا هذه المقدمة يكون المقدمات بضميمة قبح نقض الغرض كاشفة عن الحجّية شرعا لا من باب استقلال العقل ، والمفروض ترتيب المقدمات على نحو تنتج حكومة العقل بحجية الظن.

ولا مجال للثانية ، إذ المراد بالحجية عقلا ليس كما يتوهم من كونها مفاد حكم العقل العملي في قبال حكم العقل النظري ، إذ ليس شأن العاقلة إلا التعقل كما في سائر القوى ، ولا بعث ولا زجر من العاقلة.

وليس تفاوت العقل النظري مع العقل العملي من حيث ما هو وظيفة القوة العاقلة ، بل التفاوت بالمدرك.

فالمدرك : إذا كان له مساس بالعمل وكان ينبغي أن يؤتى به أو لا يؤتى به سمي حكما عقليا عمليا.

وإذا كان مما ينبغي أن يعلم سمي نظريا.

وكونه كذلك من غير ناحية الإدراك والقوة المدركة ، بل لا بد من أن يكون من تلقاء الشارع أو العقلاء ، فما تطابقت عليه آراء العقلاء حفظا للنظام وإبقاء للنوع كحسن العدل وقبح الظلم إذا أدركه العقل دخل في حكم العقل العملي.

وأما نفس كون العدل حسنا يمدح على فاعله وكون الظلم قبيحا يذم على فاعله ، فمأخوذ من العقلاء.

__________________

(١) في التعليقة ١٢٠ فراجع.

۴۴۰۱