الإجمالي بالحكم الفعلي.
ومنه ظهر أنه لا مانع من جريان الأصل في موقع الابتلاء من وجهين :
أحدهما عدم العلم الإجمالي المانع.
وثانيهما عدم جريان أصلين متمانعين.
ولو كان الوجه خصوص ما أفاده « قدس سره » من تدريجيّة الاستنباط لما كانت التدريجيّة مجدية ، إذ بعد استنباط جملة من الأحكام باجراء الأصول شيئا فشيئا يحصل له العلم بمخالفة بعض هذه الأصول لعلمه الإجمالي ، فلا يمكنه العمل بفتاويه المطابقة للأصول التي اعتقد جريانها حال الاستنباط.
كما لا يمكنه الفتوى على طبقها جميعا لمقلديه ، بخلاف ما إذا كان الوجه ما ذكرنا من تدريجية فعلية الأحكام ، فانه في كل واقعة عملية وإن كان يعلم إجمالا بحكم على خلاف الأصل لكنه لا أثر له ، لأنه يعلم إجمالا بحكم على خلاف ما ابتلي به وما هو خارج عن مورد ابتلائه ، إما لعدم موقع للابتلاء به ، أو للابتلاء به سابقا.
ومما ذكرنا يعلم أنه كما لا مانع إثباتا ، كذلك لا مانع ثبوتا ، إذ لا علم اجمالي بحكم فعلي مضاد أو مماثل أو مناقض كما لا يخفى.
والتحقيق أن الشكوك وإن لم تكن فعليّة والأحكام وإن لم تكن فعلية دفعيّة ، إلا أنه ليس من شرائط اعتبار ناقضيّة اليقين لليقين فعليّتهما ودفعيّتهما ، بل علم المجتهد بأن في مواقع ابتلائه بالاستنباط تعبدات استصحابية بلحاظ موارد فعليتها بفعلية موضوعاتها كاف في العلم بأن الاستصحابات في مواقعها مخالفة للواقع الذي علمه إجمالا.
ومن الواضح أن هذا العلم الإجمالي الموجود من أوّل الأمر هو عين اليقين الإجمالي الناقض في موقع فعليّة الاستصحاب بفعليّة موضوعه لا أنه يحدث له عند إجراء الاستصحابات أو بعده علم إجمالي ناقض.