الإنشاء واحدا ، لكن الموضوع حيث إنه لبّا متعدد ، فلا محالة يكون الحكم لبّا متعددا ، بتقريب أن البعث الانشائي المضاف إلى كل واحد واحد من الكثرات المجموعة في اللحاظ مصداق للبعث الحقيقي فهو بعث حقيقي بالإضافة إلى كل واحد من أفراد العام.
وقد بينا في محله كيفيّة إفادة المتكثر بالذات بمثل كل عالم الذي هو مفهوم وحداني الموجب لتوهم وحدة الموضوع وحكمه حقيقة ، وهو أن العالم له مفهوم واحد ، ومطابقه من حيث إنه مطابقه واحد ، وأداة العموم مثل لفظة كل لا يوجب تغيير مفهوم العالم عما هو عليه من الوحدة ولا جعله فانيا في مطابقه وفي غير ما هو مطابقه من المفرّدات والمميّزات ، بل شأن أداة العموم التوسعة في ذات المطابق.
فالمتكلم يفيد المطابق بما هو مطابق للمفهوم بجعل العالم بمفهومه فانيا فيه ، ويفيد تعدده وتكثره الحاصل له بسبب المميزات والخصوصيات بأداة العموم ، فتدبره فانه حقيق به.
ولا يخفى أن دفع الاشكال بجعل القضية طبيعيّة وأن الحكم وصف لازم للموضوع وإن كان مما أفاده شيخنا العلامة الأنصاري (١) « قدس سره » والأستاد العلامة « قدس سره » هنا ، بل اشتهر الجواب به في أمثال المقام.
لكنه لا يخلو عن شوب الإشكال والإبهام : بيانه أن حكم العقل بترتيب شخص هذا الحكم على موضوعه من حيث كونه فردا لطبيعة الأثر المحكوم بترتيبه على الخبر لا يكون إلا باقتضاء من نفس هذا الحكم المرتب على طبيعة الأثر ، لا من حيث عدم الفرق في نظر العقل بين هذا الأثر وسائر الآثار أو هذا الخبر وسائر الأخبار ، فانه راجع إلى تنقيح المناط ، وهو جواب آخر في هذا
__________________
(١) فرائد الأصول المحشى : ١ / ١١٣.