الأنصاري « قدس سره » على كون وجوب التبين نفسيا لا على كونه شرطيا ، إذ لا يتوقف الوجوب الشرطي على المقدمة الخارجية القاضية بأنه لو لا وجوب قبول خبر العادل لكان أسوأ حالا من الفاسق ، وجه عدم التوقف أن وجوب العمل بخبر الفاسق مشروط بالتبيّن ، فينتفي في غيره.
والوجوب الشرطي عبارة عن لابديّة المشروط في تحققه من الشرط ، لا الوجوب المقدمي حتى يقال : إن عدم وجوب التبين مقدمة للعمل كما يمكن أن يكون لعدم المقدمية ، كذلك يمكن أن يكون لعدم وجوب ذيها وهو العمل بالخبر ، فإنه لا مقدمية للتبين للعمل حتى يتوهم وجوبه المقدمي.
وكذا الوجوب الشرطي بمعنى وجوب العمل بخبر الفاسق مقيدا بالتبيّن فيجب التبين لأخذه في الواجب وإن لم يكن بنفسه مقدمة وجودية للعمل بالخبر ، فإنه بناء عليه يجب التبين مطلقا تحصيلا للعمل الواجب مع أنه لا ريب في عدم وجوب التبين لو لم يرد ترتيب الأثر على الخبر.
كما أن ما أفاده الشيخ الأعظم في رسائله من وجوب التبين عند إرادة العمل لا مطلقا فانه : إن أريد منه وجوب التبين نفسيّا غاية الأمر مشروطا بإرادة العمل على طبق الخبر ، فهو التزام بالوجوب النفسي المشروط لا بالوجوب الشرطي المقابل للوجوب النفسي.
وإن أريد منه اشتراط وجوبه الغيري بإرادة العمل على طبق الخبر ، فهو محال ، لأن وجوب المقدمة تابع لوجوب ذيها إطلاقا واشتراطا ، ولا يعقل اشتراط وجوب العمل على طبق الخبر بإرادة العمل ، للزوم تعليق الحكم على مشيّة المكلف.
بل المراد من الوجوب الشرطي ما ذكرناه من أن حرمة العمل بخبر الفاسق مقيّدة بعدم التبين وجوازه بالتبين ، فأصل الجواز منوط بالتبين ، فلا بد في جواز العمل من التبين ، لا أن التبين واجب شرعي بنحو من الوجوب الحقيقي