وأما إذا كانت بمعنى التعبد بالواقع وإنشاء الحكم على طبقه ، فيمكن أن يجعل الموضوع نفس السنة بوجودها الأعم من الحقيقي والحكائي ، فان وجودها في الحكاية وجودها بالعناية ، فيرجع البحث إلى أن السنة المحكيّة هل وقع التعبد بها أم لا.
٩٣ ـ قوله « قده » : فان التعبد بثبوتها مع الشك فيها ... الخ (١).
لم يتعرّض « قدس سره » للثبوت الواقعي كما تعرض له في أول الكتاب (٢) لوضوح عدم إرادة المجيب له.
مضافا إلى وضوح بطلانه لا لما أفاده « قدس سره » في غير مقام من رجوعه إلى البحث عن ثبوت الموضوع وهو لا بد من الفراغ عنه في كل علم ، لما مر (٣) في أول التعليقة من أن البحث عن ثبوت شيء بشيء غير البحث عن ثبوت الشيء ، فالبحث في الحقيقة عن وساطة الخبر ، ووساطته ثبوتا أو إثباتا لا يوجب رجوع البحث إلى ثبوت الموضوع.
أما وساطة الخبر ثبوتا فلوضوح أن البحث عن كون الشيء ذا مبدأ بحث عن عوارضه ، ألا ترى أن الموضوع في فن الحكمة هو الوجود أو الموجود ، والبحث عن كونه ذا مبدأ من أعظم مسائله وأهم مطالبه.
وأما وساطة الخبر إثباتا ، فلأن التصديق بثبوت السنة بالخبر مرجعه إلى التصديق بانكشافها به ، كانكشافها بالتواتر وبالقرينة ، وانكشاف الشيء من عوارضه.
بل الوجه في بطلانه أن وساطة الخبر بما هو خبر ثبوتا وإثباتا محال ، بداهة
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٩٣.
(٢) كفاية الأصول / ٨.
(٣) نهاية الدراية ١ : التعليقة ٧.