بل التحقيق أنه لا يصح الاستدلال به حتى من باب الجدل ، إذ الغرض : إن كان نفي حجية جميع الظواهر حتى نفس هذا الظاهر ، فيلزم من وجوده عدمه فانه مقتضى شموله لنفسه.
وإن كان الغرض نفي حجية سائر الظواهر بهذا الظاهر الذي بنى العقلاء على حجيته ، فهو وإن لم يلزم منه المحال من حيث شموله لنفسه بمدلوله اللفظي.
إلا أنه لما كان نفي حجية سائر الظواهر بملاك التشابه الشامل للظاهر ، فيلزم من نفي حجية الغير بهذا الملاك نفي حجية نفسه.
وحيث لا يعقل نفي حجية الغير إلا بنفي حجية نفسه لاتحاد الملاك ، فيسقط هو عن الحجية لعدم معقولية حجيته في مدلوله بالملاك المأخوذ في مدلوله ، وبغير هذا الملاك لا دلالة له أيضا ، فيبقى سائر الظواهر بلا مانع.
ولا بد من التصرف في هذا الظاهر ، لأنه وإن كان لا يعم نفسه بمدلوله ، لكنه يعمه بملاكه المأخوذ في مدلوله ، فيلزم من حجيته في مدلوله عدم حجيته في مدلوله ، فلا مناص إلا عن دعوى كونه محكما في مدلوله كما أشرنا إليه.
٧٧ ـ قوله « قده » : فيما إذا لم ينحل بالظفر بالروايات (١) ... الخ (٢).
سيجيء إن شاء الله تعالى في محله (٣) أن الانحلال : تارة بصيرورة المجمل مفصلا حقيقة ، كما إذا علم الواجب أو الحرام بعينه.
وأخرى بصيرورته كذلك حكما ، كما إذا علمنا بنجاسة إناء زيد واشتبه بين إناءين فان البينة إذا قامت على تعيّن إناء زيد فلازمه نفي النجاسة عن غيرها.
__________________
(١) في نسخة المصنف : في الروايات.
(٢) كفاية الأصول / ٢٨٣.
(٣) نهاية الدراية ٤ : التعليقة ٣٥.