مزاحمته في التأثير ، فكيف يعقل أن يمنع عما لا يزاحمه؟

ويندفع بأن إناطة مقتضى الحكم الظاهري بما ذكرنا تارة يكون بنحو الشرط المتقدم وأخرى يكون بنحو الشرط المقارن.

أما على الأول ، فالفرض المذكور يقتضي عدم المزاحمة في التأثير ، لكنه يقتضي تأثير مقتضي الحكم الواقعي ، حيث إنه بلا مانع ، وبعد تأثيره أثره لا يعقل تأثير مقتضي الحكم الظاهري لا لوجود المزاحم في التأثير ، إذ لا يترقب من مقتضي الحكم الواقعي تأثير آخر بعد تأثيره ، بل لعدم قابلية المحل للحكم الظاهري لاشتغاله بضده ، والمانع من الاجتماع غير منحصر في تزاحم السببين.

وأما على الثاني ، فمقتضاه المقارنة الزمانيّة بين الشرط والمشروط فيكون تأثير كل منهما مقارنا لتأثير الآخر ، فيقع المزاحمة بين المؤثّرين ، إذ كما أن التقدم الطبعي لا يرفع التضاد بين الحكمين كذلك لا يرفع التزاحم بين السببين وعليه فأصل الإناطة محال : فتدبره فإنه حقيق به.

في بيان وجه آخر للجمع بين الحكمين :

وهنا تقريب آخر لا من حيث ترتب الحكمين ولا من حيث ترتب السببين بل من حيث تعدد موضوع الحكم الواقعي والحكم الظاهري حكي عن بعض الأجلة (١) « قدس سره » ملخصه أن الأحكام لا تتعلق بالموجودات الخارجية حتى يتوهم أن الشرب الخارجي المجهول حكمه مجمع لموضوع الحكم الواقعي وموضوع الحكم الظاهري ، فيلزم اجتماع المتضادين مثلا في موضوع واحد ، بل تتعلق بالموجودات الذهنيّة من حيث إنها حاكية عن الخارج ، والعنوان المتعلق للحكم الواقعي مع العنوان المتعلق للحكم الظاهري لا يجتمعان في الوجود الذهني حتى يكون هناك مجمع عنواني لموضوعي الحكمين ، وذلك لأن

__________________

(١) وهو السيد المحقق الفشاركي الاصفهاني قدس سره حكاه عنه تلميذه المحقق الحائري قدس سره. درر الفوائد : ٢ ـ ٣٥١.

۴۴۰۱