في فرائده جعل السببية على وجوه ثلاثة وحكم بأن لازم وجهين منها هو التصويب الباطل ، ولا يلزم في الوجه الثالث تصويب (١).

وقبل الشروع فيما أفاده « قدس سره » ينبغي التنبيه على مقدمة وهي أن الواجب الواقعي إن كان هي الظهر مثلا وقامت الأمارة على وجوب الجمعة والتزمنا بسببية الأمارة والمصلحة في مؤداها فالمصلحتان إما متغايرتان وجودا فقط وإما متضادتان وجودا وإما متسانختان.

فإن كانتا متغايرتين فقط من دون مضادة ، فحيث إن المفروض وحدة الفريضة في الوقت وأنه لا يجب فعلا فريضتان في وقت واحد ، فلا محالة يقع التزاحم بين الملاكين.

وحيث إن المفروض فعليّة وجوب الجمعة بقيام الأمارة عليه فيعلم منه أن مصلحتها أقوى تأثيرا من مصلحة الواقع ، فيزول الحكم الواقعي وهو التصويب ، لأن لازمه دوران بقاء الحكم الواقعي وتأثير مصلحته فيه مدار عدم قيام الأمارة المخالفة على حد التصويب اللازم من دوران الحكم الواقعي مدار قيام الأمارة عليه.

غاية الأمر أن الحكم لا ثبوت له حتى بثبوت المقتضى في هذا الشق دون الشق المتقدم ، فإن مجرد المزاحمة في التأثير لا يقتضي سقوط الملاك بنفسه بل سقوطه عن التأثير فقط.

إلا أن التحقيق أن فرض التزاحم فرض أمر غير معقول ، لأن تزاحم الملاكين المقتضيين لجعل الحكم فرع تنافي مقتضاهما ، ومقتضاهما غير متنافيين إلا بملاحظة انتهاء الجعلين إلى حكمين فعليين ، مع أن أحد الحكمين بنفسه وبملاكه مرتب على عدم وصول الحكم الواقعي.

__________________

(١) فرائد الأصول المحشى : ١ / ٥١.

۴۴۰۱