٥٤ ـ قوله « قده » : وليس الامكان بهذا المعنى بل مطلقا ... الخ (١).

الاطلاق بلحاظ الامكان الذاتي.

وتحقيق القول في المقام أن الشيء : تارة يطلب فيه الجزم به كما في أصول العقائد والمعارف اليقينيّة ، بناء على اعتبار اليقين فيها دون مجرد عقد القلب والبناء على ثبوتها ، فمثله لا يعقل الجزم بثبوته إلا مع الجزم بامكانه ، فلا يجامع احتمال الاستحالة.

وأخرى يطلب منه الجري على وفقه والعمل على طبقه دون الجزم بتحققه كالحكم العملي ، ومنه التعبد بالظن ، فانه لا يعتبر فيه الجزم بثبوته لئلا يجامع احتمال استحالته ، فمثله يكفي فيه مجرد وجود الحجة على ثبوته.

فالدليل المتكفل لحجية الخبر مثلا سواء كان ظاهر الكتاب أو الأخبار المتواترة معنى أو سيرة العقلاء مع عدم ردع الشارع عنها يكون حجة على حجية الخبر من دون منافاة لاحتمال الاستحالة ، إذ الحجة لا يزاحمها إلا الحجة ، واحتمال الاستحالة ليس بحجة.

فاتضح أن مستند الكفاية ليست القاعدة الموروثة عن الشيخ الرئيس حتى يقال : إن الغرض مجرد عدم الانكار دون الاعتقاد.

كما أنه اتضح أن وجه الكفاية ليس حكما جديدا من العقلاء في الحكم بالامكان ما لم يقم في الوجدان على استحالته برهان كما هو ظاهر شيخنا العلامة الأنصاري (٢) « قدس سره » وبعض أجلة المعاصرين (٣) رحمه الله ، لما يرد عليه ما أفاده المصنف قدس سره في المتن.

بل الوجه ما مر من كفاية وجود الحجّة على حجّية الخبر مثلا حيث لا

__________________

(١) كفاية الأصول / ٢٧٦.

(٢) فرائد الأصول المحشى ١ : ٤٥.

(٣) وهو المحقق الهمداني قده. تعليقته المطبوعة بانضمام فرائد الأصول : / ١٧.

۴۴۰۱