وهذا يمنع من منجزية العلم الإجمالي بالتكاليف الواقعية ، إذ هو لا يعلم بثبوت الأحكام الواقعية الفعلية على كل تقدير ، بل على خصوص تقدير غير موارد قيام الطرق ، لعدم فعلية الواقع في موارد الطرق.

ومثله لا يكون منجزا ، إذ هو لا يعلم بثبوت أحكام فعلية غير ما قامت عليه الطرق والأصول العملية. فيكون المورد من قبيل تعلق العلم الإجمالي بتكليف مردد بين ما هو محل الابتلاء وما هو ليس محل الابتلاء.

ثم انه بعد ان ذكر ذلك أورد على نفسه : ان العلم بالحكم الفعلي هاهنا متأخر ، لأن العلم الإجمالي بالتكاليف ينشأ من أول البلوغ والالتفات إلى وجود شريعة ودين ، وبعد ذلك يحصل العلم بثبوت تكاليف فعلية في موارد الطرق والأصول العملية ، والعلم المتأخر لا ينفع في انحلال العلم الإجمالي السابق ، فلا يدعي أحد انحلال العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين بالعلم التفصيليّ بنجاسة أحدهما المعين المتأخرة وبسبب آخر.

وأجاب عنه : بان المناط في الانحلال هو مقارنة المعلوم لا العلم ، فإذا تعلق العلم الإجمالي المتأخر بما يقارن العلم الإجمالي تحقق انحلال العلم الإجمالي ، ولذا لو علم ـ مؤخرا ـ بنجاسة أحد الإناءين المعين التي هي المعلومة بالإجمال انحل العلم الإجمالي السابق.

وعليه ، فالحكم الفعلي الثابت في مورد الأمارة سابق الحدوث والمتأخر هو العلم به ، فالتكليف الواقعي ليس فعليا في مورده من السابق ، فلاحظ.

والسر في عدم تنجيز العلم بواسطة ذلك : ما أشار إليه الشيخ رحمه‌الله في أول مبحث القطع من : ان القطع يكون حجة ما دام موجودا ، فإذا زال فلا حجية له (١). وقد عرفت ان العلم الإجمالي هاهنا يزول بالعلم بالطرق المثبتة

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱