« أدلة الاحتياط »
وقد عرفت أن في مقابل القول بالبراءة قول الأخباريين بالاحتياط ، واستدل له بالكتاب والسنّة والعقل :
أما الكتاب : فبطوائف من الآيات :
منها : ما دل على النهي عن القول بغير علم (١). فان القول بالبراءة وترخيص الشارع في ارتكاب المجهول حكمه قول بغير علم وهو منهي عنه ، ولا يرد مثله على الالتزام بالاحتياط ، فان الاخباري لا يفتي بالاحتياط ، بل يلتزم بترك المشكوك ، والترك لا يستلزم اسناد شيء إلى الشارع. وهو بخلاف الارتكاب على القول بالبراءة ، فانه يستلزم اسناد الترخيص وعدم المنع إلى الشارع.
ومنها : آية النهي عن الإلقاء في التهلكة (٢).
ومنها : ما دل على الأمر بالتقوى وجهاد النّفس (٣).
وأجيب عن الاستدلال بالطائفة الأولى : بان القول بالبراءة استنادا إلى دليلها ليس قولا بغير علم ، بل بعلم وحجة.
وعن الاستدلال بالثانية : بان المراد من التهلكة إن كان هو العقاب الأخروي فهو منفي بدليل البراءة ، فدليل البراءة وارد على الآية كوروده على قاعدة دفع الضرر المحتمل. وان كان هو الضرر الدنيوي أو ما يعمه ، فمضافا
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ٣٣.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٩٥.
(٣) سورة المائدة ، الآية : ٣٥.