واما العقل : فقد استدل به على الاحتياط بوجوه :

الوجه الأول : وهو العمدة فيها ـ دعوى العلم الإجمالي بوجود واجبات ومحرمات كثيرة في موارد الشك في الوجوب والحرمة ، وقد تقرر في محله لزوم الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي ، فلا بد من فعل كل ما احتمل وجوبه وترك كل ما احتمل حرمته تفريغا للذمة المشغولة قطعا. ولا خلاف في ذلك إلا من بعض الأصحاب.

هذا تقرير الوجه الأول كما جاء في الكفاية.

وقد أجاب عنه قدس‌سره : بدعوى انحلال العلم الإجمالي (١).

ولتوضيح مراد الكفاية نشير إلى صور الانحلال وعدم منجزية العلم الإجمالي ، وهي ثلاثة :

الأول : الانحلال الحقيقي التكويني بواسطة العلم التفصيليّ بالمعلوم بالإجمال ، كما إذا علم إجمالا بوقوع قطرة بول في أحد هذين الإناءين ، ثم علم تفصيلا بان قطرة البول في هذا الإناء المعين ، فان العلم الإجمالي يزول قهرا ، إذ لا تردد بعد العلم التفصيليّ.

الثاني : الانحلال الحكمي ، وهو زوال أثر العلم الإجمالي من التنجيز وان كان باقيا بنفسه ، وذلك كما في موارد قيام الأمارة على تعيين المعلوم بالإجمال في أحد الأطراف ، فانه لا يكون منجزا في الطرف الآخر.

الثالث : الانحلال الحقيقي ، ولكن لا بواسطة حدوث علم تفصيلي ، بل بواسطة انكشاف عدم تعلق العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي على كل تقدير فيزول أثره وهو التنجيز ، ويصح ان نعبر عن مثل هذا العلم الإجمالي بالعلم

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٤٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۵۹۱