إذ الثابت ان المخالفة مع الوصول ظلم للمولى ، كما انها في صورة الغفلة والجهل المركب ليست بظلم. أما المخالفة مع التردد ، فكونها ليست بظلم أول الكلام ، فإنكاره للواسطة غير سديد.
وثانيا : لو سلم ان المخالفة مع عدم الوصول ـ مطلقا ـ ليست خروجا عن زي الرقية ، فلا نسلم ان العقاب عليها ظلم من المولى الشرعي ، لما عرفت من أن الظلم هو الخروج عن الحقوق والحدود المفروضة بين الطرفين.
وهذا إنما يتأتى بالنسبة إلى المولى العرفي وعبده ، أما المولى الحقيقي فلا يتصور فيه ذلك ، فان العبد لمولاه وبيده تكوينا واعتبارا يتصرف فيه كيف ما يشاء ، ولا حق للعبد على المولى كي يكون الخروج عنه ظلما.
وثالثا : ان حكم العقل بقبح العقاب لأنه ظلم لا يتأتى على مسلكه في حكم العقل من كونه بملاك حفظ النظام ، لأن الظلم مخلّ بالنظام نوعا ، وهو قبيح ، كما صرح به هاهنا. إذ أيّ نظام يحافظ عليه بقبح الظلم في العالم الأخروي ، هل هو نظام ذلك العالم وهو مما لا نعرف كيفية وشئونه ـ وقد صرح قدسسره فيما يأتي في بيان عدم ثبوت قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، ان الإقدام على العقاب يكون إقداما على ما يترتب في نشأة أخرى أجنبية عن انحفاظ النظام وعدمه. فلاحظ ـ ، أم نظام العالم الدنيوي وهو مما لا يرتبط بقبح الظلم في العالم الأخروي لعدم تأثيره كما لا يخفى؟.
كما أنه لا يتأتى على المسلك الآخر ، إذ لا علم لنا بان ملاك العقاب هو ظلم العبد مولاه كي يعد عقاب المولى عبده مع عدم خروجه عن زي الرقية ظلما وعدوانا ، وهو مما ينافر القوة العاقلة ، بل يمكن أن يكون بملاك آخر. كما تقدم بيان ذلك.
هذا تمام الكلام في الجهة الأولى.
ويبقى الكلام في الجهتين الأخريين ، ولنقدم الكلام في الجهة الثالثة ، وهي