ومنشأ تفصيل الشيخ وتعداده المسائل يمكن ان يكون لأجل اختلاف الموارد في بعض الخصوصيات ، ولذا ذهب الأخباريون إلى البراءة في الشبهة الوجوبية وإلى الاحتياط في الشبهة الحكمية بدعوى وجود الفرق بينهما ، فلا بد من إفراز المباحث والبحث عن كل مسألة على حدة ، لاختلاف جهة البحث.
وهذا هو الأوجه ، لكنا نسلك ما سلكه صاحب الكفاية من المنهج ، لأن طريقتنا في المباحث كطريقته.
فيقع الكلام في ما إذا شك في التكليف وجوبا كان أو حرمة ولم يكن في البين دليل يعين أحد الطرفين.
أدلة البراءة
وقد قيل : بأن الأصل مع هذا الشك هو البراءة وهو مختار الأصوليين في قبال الأخباريين ـ ، واستدل على ذلك بالأدلة الأربعة :
أما الكتاب : فبآيات متعددة :
منها قوله تعالى ـ في سورة الإسراء ـ : ﴿ وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ (١). وتقريب دلالتها على المدعي : ان التعبير ببعث الرسول ليس لأجل خصوصية فيه ، بل هو كناية عن قيام الحجة ، نظير قول القائل : « لا أصلي حتى يؤذن المؤذن » يقصد به الكناية عن دخول الوقت ، فتكون ظاهرة في نفي العذاب قبل قيام الحجة.
وأورد على الاستدلال بها بوجوه عديدة :
الأول : انها تختص بالعذاب الدنيوي ، فلا ظهور لها في ما نحن فيه من نفي عذاب الآخرة.
__________________
(١) سورة الإسراء ، الآية : ١٥.