الاحتياط. نعم ذكر بعد ذلك أن مقتضى رفع الواقع هو رفع إيجاب الاحتياط ، وقد تقدم تقريبه. فإن في تعبيره : « فلا مؤاخذة عليه » وعدم تعبيره برفع المؤاخذة ملحوظة مهمة ، وهي الفرار من الإشكال بان المؤاخذة ليست من الأمور الشرعية القابلة للرفع والوضع ، إذ هو التزم بارتفاعها لا برفعها ، وارتفاعها إنما هو لأجل عدم تحقق موضوعها بعد ان كان الحديث دالا على رفع الواقع ورفع إيجاب الاحتياط ، فهي ترتفع عقلا ولا ترفع شرعا.

ومن الغريب جدا ما جاء في تقريرات المرحوم الكاظمي في هذا المقام ، فانه بعد أن حكم بأن الرفع يتوجه إلى الواقع وأنه ملازم لرفع وجوب الاحتياط ، وأورد على الشيخ رحمه‌الله في التزامه : بأن المرفوع أولا وبالذات هو وجوب الاحتياط ، قرب المطلب بما لا ينتهي إلى ما لا يختلف مع التزام الشيخ من كون المرفوع وهو وجوب الاحتياط. فلاحظ كلامه من قوله في الأمر الأول : « وتوضيح ذلك هو أن أدلة الأحكام ... » إلى آخر كلامه تعرف حقيقة الحال فيه (١). فالتفت.

الأمر الرابع : في عموم الحكم للشبهة الحكمية والموضوعية.

وقد يدعى العموم بتقريب : ان مقتضى إطلاق الموصول في : « ما لا يعلمون » إرادة الأعم من الحكم والموضوع.

واستشكل في ذلك بوجهين :

الأول : ان اسناد الرفع إلى الحكم اسناد حقيقي وإلى ما هو له ، واسناده إلى الموضوع إسناد إلى غير ما هو له ، لأن المرفوع في الحقيقة هو الحكم لا الموضوع. فإرادة الأعم من الحكم والموضوع من الموصول مستلزمة لاستعمال النسبة الكلامية الواحدة في نسبتين واقعيتين مختلفتين وهو ممتنع ، لأنه من استعمال اللفظ في أكثر من معنى. ولا يتصور الجامع بين النسب لأنها من سنخ الوجود

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٣ ـ ٣٣٩ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

۵۵۹۱