وعليه ، فذكره قدسسره هاهنا وجها لعدم صحة المنع خلط بين المنع التكويني والمنع التشريعي.
ومما يشهد إلى ان نظر الكفاية إلى إرادة المنع التكويني ، انه لم يتعرض لمحذور استلزام الجعل لاجتماع المثلين ، مع انه سيأتي ذكره محذورا للجعل التشريعي ، كذكر اجتماع الضدين محذورا للمنع التشريعي. والأمر سهل.
الجهة الثانية : في كون المسألة أصولية أو لا.
وقد أشار الشيخ رحمهالله إلى عدم كونها أصولية ، بما ذكره من عدم صحة إطلاق الحجة عليه بمعنى الوسط في القياس ، فليس ما ذكره مجرد بحث لفظي ، بل يشير فيه إلى هذه الجهة ، وسيتضح ذلك في طي البحث.
ومن هنا يظهر أن صاحب الكفاية لم يغفل هذه الجهة في كلام الشيخ ، ولكنه اكتفي بالإشارة إليها بما ذكره من عدم كون المسألة أصولية (١).
وعلى كل فتحقيق الكلام : ان الحجة لها مصطلحات ثلاثة :
الأول : ما يحتج به المولى على العبد وبالعكس ، وبتعبير آخر : ما يكون قاطعا للعذر وهو المعنى اللغوي لها.
الثاني : ما يكون وسطا في القياس وهو المعنى المنطقي لها.
الثالث : ما يقع في قياس الاستنباط ، أو كبرى القياس ، وهو الاصطلاح الأصولي.
ولا يخفى ان القطع الطريقي بالمعنى الأول يكون حجة ، كيف؟ وإليه تنتهي سائر الحجج.
واما بالمعنى الثاني فليس حجة لأن الوسط اما ان يكون علة للأكبر أو معلولا له أو معلولين لعلة ثالثة والجامع وجود التلازم بين الوسط والأكبر. ومن
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٥٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.