الوجه الثاني : ما قيل من ان العقل يستقل بالحظر في الأفعال غير الضرورية حتى يرد الترخيص من الشرع.

وقد يوجّه ذلك بوجه استحساني وهو : ان العبد لما كان مملوكا للمولى كانت تصرفاته بيد المولى ، فتصرفه في شيء بدون اذن المولى تصرف في سلطان المولى ، وهو مما يحكم العقل بقبحه ، لأنه خروج عن زي الرقية ومقتضى العبودية.

وأجاب عنه في الكفاية بوجوه :

الأول : بان هذه المسألة محل خلاف فلا يتجه الاستدلال بأحد القولين فيها ، وإلاّ لأمكن التمسك للبراءة بالرأي الآخر القائل بان الأفعال على الإباحة لا على الحظر.

الثاني : انه ورد الترخيص شرعا ، لما عرفت من قيام الأدلة على الإباحة شرعا ، ولا تعارضها أدلة الاحتياط.

الثالث : ان تلك المسألة تختلف عما نحن فيه ، ولعل الوجه فيه هو ان الكلام في تلك المسألة بلحاظ ما قبل الشرع ، والكلام في البراءة والاحتياط بلحاظ ما بعد الشرع ، وهذا الفرق يمكن ان يكون فارقا اعتبارا ، فلا يلازم القول بالوقف في تلك المسألة للاحتياط في هذه المسألة ، بل قد يحكم العقل فيها بالبراءة استنادا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان (١).

الوجه الثالث : ان محتمل الحرمة يحتمل الضرر لاحتمال المفسدة فيه ، ودفع الضرر المحتمل واجب.

والجواب عنه كما في الكفاية (٢) ـ وقد مرّ تفصيل الكلام فيه صغرى وكبرى ـ : بان احتمال الحرمة يلازم احتمال المفسدة لا احتمال الضرر ، والمفسدة

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٤٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢١٨ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱