عروض صفة لازمة عليه تخرجه عن كونه قبيحا. ومن الواضح ان الإقدام على الضرر لا يكون قبيحا إذا كان بداع عقلائي ، ولو لم يكن لازما كالتحرز عن ضرر أهم أو لجلب منفعة لازمة ، كما لو وهب المال لأجنبي لمجرد كسبه محبته وصداقته أو تقديرا لعلمه وكرمه ، بلا ان يخاف من ضرره أو يرجو نفعه. فلاحظ وتدبر.
هذا تمام الكلام في قاعدة قبح العقاب بلا بيان وقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، وما يتعلق بها من شئون.
يبقى الكلام فيما حكاه الشيخ عن السيد أبي المكارم مما استدل به على البراءة : وهو ان التكليف بما لا طريق إلى العلم به تكليف بما لا يطاق.
ووجّهه الشيخ رحمهالله بما توضيحه : ان الغرض من التكليف هو الإطاعة ، وهي الإتيان بالفعل بداعي الأمر ، وليس الغرض منه مطلق الإتيان به ولو بداع آخر ، لأنه لا يترتب على الأمر فلا يعقل أن يكون غرضا منه ، لأن الغرض من الشيء ما يترتب على الشيء. ومع عدم العلم بالأمر لا يمكن حصول الغرض منه وهو الإطاعة فلا أمر.
واحتمال ان يكون الغرض من الأمر عند الشك فيه هو الإتيان بالفعل بداعي احتمال الأمر ..
مندفع ، بأنه مع وجود الملزم بالفعل بهذا الداعي في مورد احتمال الأمر ، يكون الأمر بذات الفعل لغوا وعبثا ، ومع عدم الملزم به لا ينفع التكليف المشكوك في حصول الغرض (١).
أقول : هذا الدليل ينفع في مقامين :
الأول : مسألة ان الأصل الأولي في الواجبات هل يقتضي التعبدية أو
__________________
(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٠٤ ـ الطبعة الأولى.