ان لزوم القطع بالامتثال وتنجز الاحتمال الموهم ليس من باب لزوم دفع الضرر المحتمل كي ينفي بعدم لزوم ذلك وانما هو من جهة تحقق العلم بالتكليف الّذي يستلزم تنجزه ، فلزوم القطع بالامتثال لأجل لزوم العلم بالفراغ من التكليف المعلوم المنجز ، ولزوم رفع احتمال الشغل ليس من جهة تنجزه بنفسه ، بل من جهة تنجز التكليف المعلوم. فلاحظ.

الجهة الثانية : من جهات مباحث الأمارات. في إمكان التعبد بغير العلم ، ويقصد من الإمكان المبحوث عنه هو الإمكان الوقوعي الّذي يرجع إلى نفي استلزام التعبد بالظن المحال في قبال دعوى الامتناع الراجعة إلى دعوى استلزامه المحال ـ كما ستعرف ـ. لا الإمكان الذاتي وهو كون الشيء بحسب ذاته ممكن الوقوع ، في قبال الامتناع الذاتي وهو كون الشيء بحسب ذاته ممتنع الوقوع كاجتماع النقيضين ، إذ لا إشكال في عدم كون التعبد بالظن ممتنع التحقق ذاتا وبالنظر إلى نفسه بلا لحاظ مستلزماته.

والبحث في هذه الجهة من ناحيتين :

الناحية الأولى : فيما هو مقتضى الشك في الإمكان ، بمعنى انه إذا لم يقم دليل على الإمكان ولا على الاستحالة وكان كل منهما محتملا فما هو المتبع؟. ذكر الشيخ ان الإمكان أصل لدى العقلاء مع احتمال الامتناع وعدم قيام الدليل عليه ، فانهم يرتبون آثار الممكن على مشكوك الامتناع (١). وناقشه صاحب الكفاية بوجهين :

أحدهما : انه لم يثبت بناء العقلاء على ذلك ، ولو سلم فلا دليل قطعيا يدل على حجية هذا البناء والظني لا ينتفع به إذ الكلام في إمكان حجيته وامتناعها.

ثانيهما : انه إذا دل دليل على وقوع التعبد بالظن فهو دليل على إمكانه

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٤ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱